للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالثَّالِثُ: أنَّها فرض كفايةٍ، تجب إقامتها في مسجدٍ من البلد أو في مساجد البلد، ولعلَّهم في هذا قصدوا إلى الجمع بين الأدلَّة، ولكنَّ أدلَّة الوجوب لا تحتمل فرض الكفاية، فالرَّسول همَّ بتحريق بيوت المتخلِّفين مع إقامة صلاة الجماعة في مسجده .

وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ صلاة الجماعة شرطٌ؛ فلا تصحُّ صلاة منفردٍ ما دامت الجماعة الرَّاتبة باقيةً، فمن صلَّى قبل فراغها لم تصحَّ صلاته؛ كصلاة الجمعة، لا تصحُّ صلاة الظُّهر ممَّن تجب عليهم إلَّا بعد انقضائها.

وذهب بعض الشُّرَّاح إلى أنَّ الأحاديث لم تدلَّ على وجوب الجماعة إلَّا في مسجده (١)، ولا وجه لهذا التَّخصيص؛ فليس في شيءٍ من الأحاديث التَّقييد بمسجده ، وقد كان للصَّحابة في عصره مساجد يصلُّون فيها غير مسجده.

وفي الأحاديث فوائد؛ منها:

١ - أنَّ صلاة الجماعة في المسجد تفضل على صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين ضعفًا أو خمسٍ وعشرين درجةً أو جزءًا، والضِّعف والدَّرجة والجزء معناها واحدٌ، وهو مقدارٌ من الأجر.

وهذا التَّفاوت في مقدار التَّضعيف والدَّرجات بين سبعٍ وعشرين وخمسٍ وعشرين، قيل: إنَّه راجعٌ إلى أنَّ الرَّسول أخبر أوَّلاً بخمسٍ وعشرين ثمَّ أخبر بسبعٍ وعشرين زيادةً تفضَّل الله بها. وقيل: إنَّ ذلك راجعٌ إلى تفاوت الجماعات في الكثرة والقلَّة والبعد والقرب في المساجد. والله أعلم.

٢ - أنَّ الجماعة الَّتي لها هذا التَّضعيف والتَّفضيل هي الجماعة الرَّاتبة، الَّتي تقام في المسجد، يدلُّ لذلك حديث أبي هريرة الَّذي اختصره المؤلِّف،


(١) هو الصنعانيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>