للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* * *

الحديث أصلٌ في اطِّراح الشَّكِّ والبناء على اليقين.

وفيه فوائد، منها:

١ - أنَّ من تيقَّن الطَّهارة وشكَّ في الحدث فإنَّه يبني على ما تيقَّن.

٢ - أنَّه لا فرق بين الشَّكِّ في الحدث في الصَّلاة أو خارج الصَّلاة وهذا قول الجمهور من العلماء.

وفرَّق بعضهم (١) فقال: إذا كان الشَّكُّ في الحدث خارج الصَّلاة استأنف الطَّهارة؛ لأنَّ حديث عبد الله بن زيدٍ في «الصَّحيحين» فيه ذكر الشَّكِّ في الحدث في الصَّلاة، ولفظه: شكي إلى النَّبي الرَّجل يخيَّل إليه أنَّه يجد الشَّيء في الصَّلاة. قال: «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» (٢).

والصَّواب: ما ذهب إليه الجمهور لإطلاق حديث أبي هريرة وأنَّ التَّقييد في الصَّلاة لا مفهوم له، كما أنَّ ذكر المسجد في حديث أبي هريرة لا مفهوم له بالاتِّفاق.

٣ - أنَّ الشَّكَّ لا يرفع اليقين في جميع العبادات والمعاملات.

وهذه قاعدةٌ كبيرةٌ اتَّفق عليها العلماء في الجملة، ومن فروع هذه القاعدة: أنَّ من تيقَّن الحدث وشكَّ في الطَّهارة فهو محدثٌ، ومن تيقَّن نجاسة ثوبٍ أو بقعةٍ وشكَّ في تطهيرها فهي نجسةٌ. ومن شكَّ في نجاسة ثوبٍ أو بقعةٍ فهو طاهرٌ؛ لأنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة، ومن شكَّ في أداء الصَّلاة المفروضة، لم يبرأ إلَّا أن يصلِّيها؛ لأنَّ وجوبها متيقَّنٌ وأداءها مشكوكٌ فيه، ومن ادَّعى على


(١) هذا القول منسوبٌ إلى الإمام مالكٍ، ولكن قال ابن حجرٍ: «ورواية التفصيل لم تثبت عنه وإنَّما هي لأصحابه». «فتح الباري» (١/ ٢٨٧).
(٢) رواه البخاريُّ (١٣٧)، ومسلمٌ (٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>