للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب بعضهم بالجمع بين الحديثين، وذلك بحمل حديث بسرة على ما إذا كان المسُّ بشهوةٍ، وحديث طلقٍ على ما لم يكن بشهوةٍ، أو بحمل حديث بسرة على الاستحباب وحديث طلقٍ على نفي الوجوب.

فتبين أن في حكم الوضوء من مس الذكر قولين:

١ - الوجوب.

٢ - الاستحباب.

وبين القائلين بالوجوب اختلافاتٌ؛ فمنهم: من قيَّد الوجوب بالمسِّ بشهوةٍ، ومنهم: من قيَّده بتعمُّد ذلك، ومنهم: من أطلق.

واختار شيخ الإسلام التَّوسُّط، وهو أنَّ الوضوء مستحبٌّ (١).

وفي الحديثين فوائد؛ منها:

١ - أنَّه لا يجب الوضوء من مسِّ الذَّكر؛ لحديث طلق.

٢ - تعليل ذلك بأنَّ الذَّكر كغيره من أعضاء الإنسان.

٣ - أنَّ مسَّ أيِّ موضعٍ من البدن لا ينقض الوضوء.

٤ - تعليل الأحكام الشَّرعيَّة؛ لقوله: «إنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ».

٥ - حسن تعليمه ببيان الحكم مع دليله.

٦ - أنَّ مسَّ الذَّكر موجبٌ للوضوء؛ لأنَّ الأصل في الأمر الوجوب فيكون ناقضًا للوضوء، ومن حمل الأمر على الاستحباب فعنده أنَّه غير ناقضٍ، وحمل الأمر على الوجوب أظهر؛ لأنَّه الأصل، ولاعتضاد حديث بسرة بشواهد من الحديث (٢) بخلاف حديث طلقٍ فلا شواهد له.

* * * * *


(١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢١/ ٢٤١)، و «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٣٠٦).
(٢) جاءت هذه الشواهد عن سبعة عشر صحابيًّا، تنظر في: «نصب الراية» (١/ ٥٤)، و «التلخيص الحبير» (١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>