للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ومثال ثانٍ:

إزالة الإِشكالات الواردة في بعض الأحاديث المصرِّحة بكفر من يدَّعي إلى غير أبيه وينتسب إلى غير قبيلته، فهل يكون بذلك كافرًا كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة؟ أم ماذا عساه أن يكون؟ .

فلقد أورد ثلاثة عشر حديثًا في هذه القضية، رقم (٣٥٣، ٣٥٤، ٣٥٥، ٣٥٦، ٣٥٧، ٣٥٨، ٣٥٩، ٣٦٠، ٣٦١، ٣٦٢، ٣٦٣، ٣٦٤, ٣٦٥)، كحديث أبي ذر رضي الله عنه: "ليس مِنْ رَجُلٍ ادَّعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلَّا كَفَرَ، ومَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ له فيهم نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (١).

وحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "مَن ادَّعَى إلى غيرِ أبيه -وهو يَعْلَمُ أنَّهُ غَيرُ أبيه- فالجنَّة عليه حرامٌ" (٢).

وحديث عائشة رضي الله عنها: "إنَّ أعْظَم النَّاسِ فِريًا إنسانٌ شَاعِرٌ يَهْجُو القَبيلَة مَنْ أسْرِهَا، ورَجُل تَنَفَّى مِنْ وَلَدِهِ" (٣).

ثم قال عقب إيرادها: "إلى غير ذلك من الأحاديث التي حَمْلُهَا على ظاهرها يحتاج إلى تأويل ذلك بالمُستَحِلِّ له، أو بأنَّ المرادَ كُفْرُ النِّعمة, وإنْ لم تحمل على ظاهرها, فيكون ورُود ذلك على سبيل التَّغليظ لزجرِ فاعله, أو المراد بإطلاق الكُفرِ أنَّ فاعلَه فَعَلَ فِعْلًا شبيهًا بفعلِ أهلِ الكفر" (٤). اهـ.

وهذا الذي قاله المؤلف، هو ما ذهب أهل السُّنَّة والجماعة في مثل هذه القضية, مِن أنَّ صاحب الكبيرة لا يخرج من الملة، وأنه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته, وجميع ما وَرَدَ من النُّصوص في مثل ذلك وَرَدَ على سبيل التغليظ والوعيد زجرًا لفاعله (٥).


(١) انظر: حديث رقم (٣٥٤).
(٢) انظر: حديث رقم (٣٥٥).
(٣) انظر: حديث رقم (٣٦٥).
(٤) انظر: (ص ٦٣٠) القسم المحقق.
(٥) انظر: للاستزادة في هذه المسألة وتجلية منهج أهل السنة فيها، كتاب: "ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة" للدكتور عبد الله القرني (ص ١٨١ - ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>