ومن طريق أيوب، عن أبي قِلابة، عن سمرة؛ أخرجه النسائي في الزينة -باب الأمر بلبس البيض من الثياب (٨/ ٢٠٥) - رقم (٥٣٢٢، ٥٣٢٣). واللفظ له، وهو حديث صحيح. (١) ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١٠/ ٣٠٥ - ٣٠٦) في هذه المسألة (لبس الثوب الأحمر) سبعة أقوال للعلماء: * القول الأول: الجواز مطلقًا. وقد جاء عن علي، وطلحة، وعبد الله بن جعفر، والبراء، وغير واحد من الصحابة. وعن سعيد بن المسيب، والنخعي، والشعبي، وأبي قِلابة، وأبي وائل، وطائفة من التابعين. * القول الثاني: المنع مطلقًا. * القول الثالث: يكره لُبْس الثوب المشبَّع بالحُمْرة، دون ما كان صبغهُ خفيفًا. جاء ذلك عن عطاء، وطاووس، ومجاهد. *القول الرابع: يكره لُبْس الأحمر مطلقًا لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة. جاء ذلك عن ابن عباس. * القول الخامس: يجوز لُبْس ما كان صُبغَ غزله ثم نُسج، ويُمنع ما صُبغَ بعد النسج. * القول السادس: اختصاص النهي بما يصبغ بالمعصفر، لورود النهي عنه، ولا يُمنع ما صبغ بغيره من الأصباغ. * القول السابع: تخصيص المنع بالثوب الذي يُصبغ كلُّه، وأما ما فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا. ثم قال رحمه الله تعالى: "والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لُبْس الأحمر إنْ كان من أجل أنه لبس الكفار. فالقول فيه كالقول في الميْثرة الحمراء كما سيأتي. وإنْ كان من أجل أنه زيّ النساء، فهو راجع إلى الزجر عن التَّشبه بالنساء؛ فيكون النهي عنه لا لذاته. وإن كان من أجل الشهرة، أو خرم المروءة فيُمنع حيث يقع ذلك، وإلَّا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت". اهـ. (٢) انظر: "أحكام أهل الذِّمة" لابن قيم الجوزية (٢/ ١٦٨ - ١٦٩)، و (٢/ ١٨٣) - دار الكتب العلمية. ورأيتُ في حوادث سنة (٧٢١ هـ) من "النجوم الزاهرة" (٩/ ٥٩) أن السلطان الناصر محمد بن قلاون ألزم النَّصارى بمصرَ بلُبْس العمائم الزُّرق، مع إبقاء اليهود على لُبْس العمامة الصفراء؛ لأحداث حصلت.