للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم انْثَنَى عَزْمُهُ عن ذلك (١)، وردَّ الخلافةَ إلى بني العبَّاس، فبقي ذلك شعارًا للأَشراف العلويين من الزَّهراء؛ لكنهم اختصروا الثياب إلى قطعة من ثوب أخضر تُوضَع على عمائمهم شعارًا لهم، ثم انقطع ذلك إلى أواخر القرن الثَّامن.

فقد قرأتُ في حوادث سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من "إنْبَاء شيخِنا" (٢) رحمه الله ما نصُّه: "وفيها أمر السُّلطان الأَشرافَ (٣) أن يمتازوا عن الناس بعصائبَ خُضْرٍ على العمائم. ففُعل ذلك في مصر، والشَّام، وغيرهما.

وفي ذلك يقول أبو عبد الله بن جابر الأندلسيُّ الأعمى (٤) نزيلُ حلب:

جَعَلُوا لأَبْنَاءِ الرَّسُولِ عَلامَةً ... إنَّ العَلامةَ شأْنُ مَنْ لَمْ يُشْهرِ

نُورُ النُّبُوَّةِ في كَريمِ وجوهِهِم ... يُغْني الشَّريفَ عنِ الطرازِ الأخْضَرِ

[ح ١٤ / ب] وقال في ذلك جماعة من الشُّعراء ما يطول ذكره؛ ومن أحسنه قولُ الأديبِ شمسِ الدِّين محمدِ بنِ إبراهيمِ بنِ بركة الدِّمشقيِّ المزين (٥)، وأنشدني إيَّاه إجازةً (٦):


(١) وذلك لموت علي بن موسى الرضا، في صفر سنة (٢٠٣ هـ)، كما سبق.
(٢) "إنباء الغُمْر بأبناء العُمر -في التاريخ" للحافظ ابن حجر (١/ ٨)، وانظر كذلك: "وجيز الكلام في الذيل على دول الإِسلام" للمصنِّف (١/ ١٨٦)، و"روض المناظر في علم الأوائل والأواخر" لابن الشحنة (ص ٢٨٨) - في حوادث السنة المذكورة.
وذكر القلقشندي في "مآثر الإِنافة في معالم الخلافة" (٢/ ١٧١) سبب وضع الأشراف العصائب الخُضْر على عمائمهم، وذلك أنَّ بعض الأمراء وقع في حقِّ أحدهم، وزعم أنه لم يعرف كونه شريفًا؛ فأمر السُّلطان الأشراف أن يجعلوا هذه العصائب الخضراء على عمائمهم.
(٣) في (م)، و (ل): السلطان الأشرف.
(٤) لم أعثر على ترجمته.
(٥) هو محمد بن إبراهيم بن بركة الجرائحي، شمس الدين الدمشقي الشاعر المشهور. ولد في رمضان سنة (٧٣٥ هـ). تعانى النظم فمهر فيه، وله مقاطيع مخترعة. كان طيب النادرة مطبوعًا على عاميَّة فيه. مات بدمشق سنة (٨١١ هـ)، وهو ممن أجاز الحافظ ابن حجر مشافهةً ومكاتبةً. "المجمع المؤسس" لابن حجر (٣/ ٢٧٩)، و"الضوء اللامع" (١٣/ ١٢٦).
(٦) في (م): وأنشدنيه إجازةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>