للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما كان قول سعيد بن جيبر ومن وافقه على التفسير الذي بيَّنتُه عمَّن نقلناه (١) عنهم شاهدًا لما نحن فيه لحمل الآية على أمر المخاطبين بأن يوادِدُوا أقاربَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، يعني بما يليق بهم من البرِّ والإِحسان، وسائر الوجوه الحِسَان.

لكن الحقُّ كما جَزَمَ به ابنُ كثير (٢) رحمه الله من هذين التفسيرين قول ابن عبَّاسٍ الثابت في الصَّحيح (٣).

بل يُرْوَى (٤) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، وكذا عن الحسن البصري رحمه الله تفسير ثالثٌ أيضًا، وهو أن قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (٥)، أي إلَّا أن تعملوا بالطاعة التي تقرِّبكم عند الله زُلْفَى.


= -من ذلك ما أخرجه الطبراني في "الكبير" (١١/ ٨٣) - رقم (١١١٧٧)، من طريق حسين الأشقر، عن هُشَيْم بن بشير، عن أبي هاشم، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس مرفوعًا:
"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن حُبِّنَا أهلَ البيت".
قلتُ: الحديثُ منكرٌ بذكر أهل البيت -صحيحٌ بغيره-، فيه علتان:
الأولى: حسين الأشقر، وهو ساقط لا يُحتجُّ به، وقد سبق.
الثانية: عنعنة هُشَيْم، فهو كثير التدليس، وقد سبق التنبيه على ذلك.
(١) هكذا بالأصل، وفي (م)، و (ز): ممن تلقَّناه عنهم.
(٢) هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، أشهر مِنْ أنْ يُعرَّف. انظر ترجمته في: "إنباء الغفر بأبناء العمر: (١/ ٤٥)، و"شذرات الذهب" (٦/ ٢٣١)، و "ذيل تذكرة الحفاظ" (٥/ ٥٧).
(٣) انظر: "تفسير ابن كثير" (٦/ ١٩٩).
وسبقه إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (٧/ ١٠٠)، فقال ما نصُّه:
"فهذا ابن عبَّاس ترجمان القرآن، وأعلم أهل البيت بعد عليّ يقول: ليس معناها مودَّة ذوي القربى، لكن معناها: لا أسألكم يا معشر العرب ويا معشر قريش عليه أجرًا، لكن أسألكم أن تصلوا القرابة التي بيني وبينكم، فهو سأل الناس الذين أرسل إليهم أولًا أن يصلوا رَحِمَه، فلا يعتدوا عليه حتى يُبلِّغ رسالة ربه". اهـ. كلامه رحمه الله،
قلتُ: وهو الذي رجَّحه ابن جرير في "جامع البيان" (٢٥/ ٢٦)، والحافظ في "الفتح" (٨/ ٥٦٤)، والشوكاني في "فتح القدير" (٤/ ٥٣٧)، ومحمد الأمين الشنقيطي في "أضواء البيان" (٧/ ١٩٢).
(٤) في (م): بل رُوي.
(٥) الشورى (آية: ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>