للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٣ - وعن أبي إسحاق السَّبيعي، عن حَنَشِ بنِ المعْتمر الصَّنعانيِّ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول:

"مَثَلُ أَهْلٍ بَيْتِي فيكم مَثَل سَفِينَة نُوحٍ في قَومِهِ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ، ومثل حطَّة لبني إسرائيل". أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق، هذا لفظ أحدهما (١).

٢١٤ - ولفظ الآخر: "أَلا إنَّ مَثَل أَهْلِ بيْتي فيكم مَثَلُ سَفِينة نُوح". وذكره


= الآتي -على ما فيها من الضَّعف- علماؤهم، وليس سائر أهل البيت كما اختاره الهيتمي، وذلك لأمور:
الأول: ما سبق في أحاديث الباب الأول أن (العترة - الثقل الأصغر)، الذين أُمِرْنا باتِّبَاعهم واقتفاء آثارهم هم علماء أهل البيت خاصة دون غيرهم من أهل البيت النَّبويِّ، فلما كانوا متَّصفين بالعلم النافع كانوا كالنُّجوم يُهتدى بها في الظلمات، وهي في الوقت نفسه أمانٌ لأهل الأرض. وانظر ما سبق في (ص ٣٦٥ وما بعدها).
الثاني: ما ذكره رحمه الله تعالى مِنْ أن الله خلق الدّنيا بأسرها من أجل النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-! غير مسلَّم، لأنَّ الله إنما خلقها ليقوم العباد بدور الاستخلاف في الأرض وعمارتها، وقبل ذلك وبعده عبادة الله عزَّ وجلَّ. قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}. [الذاريات].
الثالث: ما استدلَّ به الهيتميُّ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهم إنهم مني وأنا منهم"، وأنهم بضعة منه بواسطة فاطمة، لا يدلُّ على المراد. والحديث إنما جاء في فاطمة رضي الله عنها خاصة، فلا يصحّ التعميم ههنا.
الرابع: أن الهيتميَّ نَفْسَهُ أشار بعد كلامه السابق الذي سقناه آنفًا إلى أن المقصود بهم العلماء، فقال ما نصُّه: "ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مرَّ: أن من أحبَّهم وعظَّمهم شكرًا لنعمة مُشرِّفهم -صلى الله عليه وسلم-، وأخد بهْدي علمائهم نجا من ظلمات المخالفات, ومن تخلَّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعنة وهلك في مفاوز الطُّغيان". اهـ. والله تعالى أعلم.
(١) "المستدرك" (٢/ ٣٧٣)، رقم (٣٣١٢)، من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكير، عن المفضّل بن صالح، عن أبي إسحاق السَّبيعي به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه". وتعقَّبه الذهبي بأنَّ مفضَّل بن صالح خرَّج له الترمذي فقط، وقد ضعَّفوه.
قلتُ: وفات الحافظ الذهبي النظر إلى حال أحمد بن عبد الجبار، وهو العُطَاردي، أبو عمر الكوفي، فقد ضعَّفه هو في "الميزان" (١/ ١٥١)، بقوله: "ضعَّفه غير واحد! ". وقال الحاكم: "ليس بالقوي عندهم، تركه أبو العبَّاس ابن عُقدة". قال الحافظ في "التقريب" (ص ٩٣): "ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح". وانظر: "التهذيب" (١/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>