للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِعْلًا شَبِيهًا بِفِعْلِ أَهْلِ الْكُفْرِ (١).

٣٦٦ - وقد روى أبو مصعبٍ (٢) عن مالك بنِ أنسٍ -رحمه الله- قال: "من انتسب إلى بيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -يعني بالباطل- يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجيعًا، ويُشَهَّرُ، ويُحْبَسُ طَوِيلًا حتى تَظْهَر تَوْبَتُه؛ لأنَّه اسْتِخْفَافٌ بحقِّ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم- (٣).

ورَحِمَ اللَّهُ مالكًا، كيف لو أدرك من يتسارع إلى ثبوت ما يغْلب على الظَّنِّ التَّوَفف في صحَّته من ذلك بدون تَثَبُّت، غيرَ مُلاحظٍ ما يترتَّب عليه من الأحكام، غافلًا عن هذا الوعيد الذي كان مُعينًا على الوقوع فيه؟ ! إمَّا بثبوته ولو بالإِعْذار فيه؛ طمعًا في الشَّيء التَّافه الحقير، قائلًا: النَّاس مؤتمنون على أنسابهم (٤)! وهذا لَعَمْري تَوَسُّعٌ غيرُ مَرْضِيٍّ.


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٢/ ٥٧)، و "فتح الباري" لابن حجر (٦/ ٥٤٠).
(٢) هو أحمد بن أبي بكر، واسمه القاسم بن الحارث بن زرارة القرشي، أبو مصعب الزهري المدني الفقيه، قاضي المدينة، ومن رواة الموطأ عن مالك، وروايته مطبوعة متداولة. روى عنه الجماعة سوى النسائي. قال في "التقريب" (ص ٨٧): "صدوق، عابه أبو خيثمة للفتوى بالرأي". مات سنة (٢٤٢ هـ). "تهذيب الكمال" (٢٧/ ١٠٧)، و "النبلاء" (١١/ ٤٣٦).
(٣) لم أجده في "الموطأ -رواية أبي مصعب" المطبوع في مظانه. وقد أورده الشَّريف السَّمْهوديُّ في "جواهر العقدين" (ص ٤٧٠ - ٤٧١).
• فائدة: ذكر البقاعيُّ في تاريخه الموسوم بـ "إظهار العصر لأسرار أهل العصر" (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١) في حوادث شهر محرم سنة (٨٦١ هـ) أن قاضي القضاة، شيخ الإسلام السَّعْد الدَّيْريّ الحنفيّ ضَرَبَ أحمد المغربل المشهور بـ (المدني) ضَربًا شديدًا! وطوَّفه في القاهرة يُنادى عليه: (هذا جزاء من يريد أن يدخل في النَّسب الشَّريف بغير حقٍّ! ". وسبب ذلك أن المذكور أراد أن يُثبتَ أنه شريف، وكذا غيره من الفجرة بواسطته، وذلك أنه اتَّفق مع بعض شهود الزُّور وادَّعى أنه من قرية الجعفرية، وأنَّ أهلها من أولاد جعفر الصَّادق، فما كفاه كذبه لنفسه حتى أراد أن يُثبتَ الشَّرف لجميع أهل القرية! مع أن المذكور من أولاد نصارى بعض قرى دمياط، وأنه كان يحترف بالغَرْبلةَ في بولاق. اهـ. من "تاريخ البقاعي".
* والقاصي السَّعد الدَّيْريّ المذكور وُلِدَ سنه (٧٦١ هـ)، ومات سنة (٨٦٧ هـ)، وهو من شبوخ المصنِّف، وقد تَرْجَمَة ترجمةً حافلةً في "الضوء اللامع" (٣/ ٢٤٩ - ٢٥٣)، وكذا في "الذيل على رفع الإصر" (ص ١٢٧ - ١٤٠)، وله في أصله لابن حجر ترجمة ختصرة (١/ ٢٤٥ - ٢٥٥)، ولم أجد السَّخَاوي أشار إلى هذه الحادثة في الموضعين.
(٤) ذكره المصنِّف في "المقاصد الحسنة" (ص ٤٣٥، ٤٣٨) وجعله من قول مالكٍ وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>