للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قدم القاهرة (١) فغضب السُّلْطانُ وظنَّ محاباة الذين كَحَلُوه حتى أُقِيمَت عنده البَيِّنة المرْضِيَّه بمشاهدة كَحْلِهِ، وسَيَلان حَدَقَته، وكون أَهْلِ المدينة النَّبَوِيَّة (٢) شاهدوه كذلك، ثم أصبح وهو يُبْصر، وقصَّ عليهم رُؤْيَاه، فتركه السُّلطان لحاله (٣)، وبَرَّأ الَّذين كَحَلُوه، واستمرَّ حتَّى مات بالطَّاعون" (٤).


= • تنبيه: ما يحصل عند قبر النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أو قبور الصَّالحين من أهل البيت وغيرهم، من الدعاء وسؤال الحوائج بصدق قام بقلب فاعله، ثم يجد السائل استجابة دعائه، ويتسامع الناس به؛ كلُّ ذلك مناجاة مكروهة في الشرع، ولا يكون استجابة دعائه دليلًا على استحسان تلك العبادة وذلك الدعاء، ولا يجعله سنَّة كأنه قد فعله نبيّ! إنما هو يصدر عن قاصري المعرفة، ولو كان شرعًا ودينًا لكان أهل المعرفة أولى به.
وسبب قضاء حاجة بعض أولئك الدَّاعين الأدعية المحرَّمة؛ أن الرجل منهم قد يكون مضطرًّا ضرورةً، لو دعا الله بها مشركٌ عند وثن لاستُجيب له؛ لصدق توجُّهه إلى الله، وإنْ كان يحرّي الدُّعاء عند الوثن شركًا. انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإِسلام (٢/ ٦٩٨، ٧٠٠, ٧٠٢ - بتصرُّف).
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وقد علمتُ جماعةً ممن سأل حاجته من بعض المقبورين، من الأنبياء والصالحين؛ فقُضيتْ حاجته! وهو لا يخرج عما ذكرته، وليس ذلك بشرعٍ فيُتَّبع، ولا سنَّة، وإنما يثبت استحباب الأفعال واتِّخاذها دينًا بكتاب الله وسنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه السابقون الأولون، وما سوى هذه الأمور المحدثة فلا يُستحبّ، وإن اشتملت أحيانًا على فوائد، لأنَّا نعلم أن مفاسدها راجحة على فوائدها". اهـ. كلامه بحروفه من "اقتضاء الصراط المسقيم" (٢/ ٧٠٣)، وانظر: (٢/ ٧٧١).
- وانظر للاستزادة في هذه المسألة: "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة"، و"الاستغاثة في الرد على البكري" كلاهما لشيخ الإِسلام ابن تيمية، و"شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور" للشَّيخ مرعي الكرمي (ص ١٧ وما بعدها)، و"المجموع المفيد في نقض القبورية ونصرة التوحيد" للدكتور الخميّس، و"التبرك: أنواعه وأحكامه" للشَّيخ الدكتور ناصر الجديع.
(١) القاهرة: بناها جوهر غلام المعز أبي تميم معد بن إسماعيل الملقَّب بالمنصور سنة (٣٥٩ هـ)، ولم يكن يُعرف بمصر قبلها سوى الفسطاط التي كانت عاصمة الدِّيار المصرية. وقد اعتنى المقريزي بذكر حدودها وبنائها وسورها وشوارعها ومساجدها، وما قيل فيها بما لم يُسبق إليه. "معجم البلدان" (٤/ ٣٠١)، و"الخطط المقريزية" (١/ ٣٦٠ وما بعدها).
(٢) في (م): المدينة الشَّريفة.
(٣) في (م)، و (ك): بحاله.
(٤) هذه القصة فيها من الغرابة الشيء الكثير! والمصنِّف نقلها من كتاب المقريزي، وهو - أي =

<<  <  ج: ص:  >  >>