والذي عليه الكتاب الحذاق أن الرئيس والنظير يختم رقاعه وتوقيعاته إن شاء وأن من دونهم لا يختم، وإن ختم وهو دون الرئيس والنظير، لزمه إثبات اسمه على جانب كتابه الأيسر تضاؤلاً وتواضعاً. وكتب بعض الكتاب إلى رئيس له: أنت - أيدك الله - تختم رقاعك لأنها مطايا بر، ولا أختم رقاعي نها حوامل شكر.
وأحسن ما ختم به الرؤساء كتبهم ما عليه اسم الرئيس واسم أبيه.
وقال بعض الكتاب: الوزارة الختم والخاتم، لأن سائر الأعمال يباشرها بعض الكفاة إلا الختم فإنه لابد أن ينتهي الكتب إلى الوزير وتعرض عليه فيختمها بخاتم الملك.
وقال إبراهيم بن العباس الصولي: الكتب موات ما لم يوقع فيها توقيع الختم وتختم، فإذا فعل ذلك بها عاشت. وقال عمر بن مسعدة: الخط صور الكتب ترد إليها أرواحها.
وكان محمد بن عبد الملك الزيات، إذا أراد أن يختم الكتب دعا بدرج فيه الخاتم، فإذا جيء به وهو خاتم الملك، قام قائماً فأخذه إجلالاً له ثم جلس فأخرجه وختم به ورده إلى الدرج وختم عليه.
وكانت بعض الكتاب في أن الختم والتوقيع إلى الرؤساء:
حتام لا أنفك حارس سلبه ... أدعى فأسمع مذعناً وأطيع
يتداول الناس الرياسة بينهم ... وأروم حظهم فلا أستطيع
وأكلف العبء الثقيل وإنما ... يبلى به الأتباع لا المتبوع