وسئل بعض الكتاب عن الخط متى يستحق أن يوصف بالجودة، فقال: إذا اعتدلت أقسامه، وطالت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده حدوره، وتفتحت عيونه، ولم تشبه راءه نونه، وأشرق قرطاسه، وأظلمت أنقاسه، ولم تختلف أجناسه، وأسرع إلى العيون تصوره، وإلى العقول ثمره، وقدرت فصوله واندمجت وصوله، وتناسب رقيقه وجليله، وخرج عن نمط الوراقين، وبعد عن تصنع المحدرين، وقام لكاتبه مقام النسبة والحلية، كان حينئذ كما قلت في وصف خط:
إذا ما تحلل قرطاسه ... وساومه القلم الأرقش
تضمن من خطه حلة ... كنقش الدنانير بل أنقش
حروف تعيد لعين الكليل ... نشاطاً ويقرأها الأخفش
وقال آخر:
أتاني كتابك يا سيدي ... فآنس نفساً به مبهجه
وكان بما ساق من فرحة ... وسكن من لوعة مزعجه
أبر وأمتع من ريطة ... على كل مائدة مدرجه
قد ذكرت في هذا الكتاب ما استحسن من خط الجواري: وقد كره أهل النبل من الناس وذوو الرأي منهم أن يعلم النساء الخط، وجاء فيه النهي عن ابن عباس، أنه قال: " لا تسكنوا النساء