بها من أمور الدين بخلاف المصلحة المرسلة؛ فإن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل معناه، وجرى على المناسبات المعقولة التي إذا عُرضت على العقول تلقتها بالقبول فلا مدخل لها في التعبدات، ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية.
٢ - وتنفرد البدعة بكونها مقصودة بالقصد الأول لدى أصحابها؛ فهم - في الغالب - يتقربون إلى الله بفعلها، ولا يحيدون عنها، فيبعد جدًا - عند أرباب البدع - إهدار العمل بها؛ إذ يرون بدعتهم راجحة على كل ما يعارضها، بخلاف المصلحة المرسلة؛ فإنها مقصودة بالقصد الثاني دون الأول، فهي تدخل تحت باب الوسائل؛ لأنها إنما شرعت لأجل التوسل بها إلى تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة، ويدل على ذلك أن هذه المصلحة يسقط اعتبارها، والالتفات إليها شرعًا متى عورضت بمفسدة أربى منها، وحينئذٍ فمن غير الممكن إحداث البدع من جهة المصالح المرسلة.
٣ - وتنفرد البدعة بأنها تؤول إلى التشديد على المكلفين؛ وزيادة الحرج عليهم، بخلاف المصلحة المرسلة؛ فإنها تعود بالتخفيف على المكلفين، ورفع الحرج عنهم، أو إلى حفظ أمر ضروري لهم.
٤ - وتنفرد البدعة بكونها مناقضة لمقاصد الشريعة، هادمة لها،