من هنا يُعلم أن الإحداث في الدين يحصل بواحد من أصلين:
الأصل الأول: التقرب إلى الله بما لم يشرع.
ذلك أن القاعدة المطردة في هذا الدين أن التقرب إلى الله لا يكون إلا بفعل ما شرعه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من العبادة فمن تعبد الله بشيء لم يشرعه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد ابتدع.
والأصل الثاني: الخروج على نظام الدين.
ذلك أن القاعدة المطردة في هذا الدين هي وجوب الرجوع إلى هذه الشريعة، والانقياد إلى أحكامها بالخضوع والطاعة، فمن أعطى غير شريعة الإسلام حق الانقياد والطاعة فقد ابتدع.
فهذا أصلان جامعان للابتداع.
ويلحق بهذين الأصلين أصلٌ ثالث، وهو:
الذرائع المفضية إلى البدعة.
ذلك أن الإحداث في الدين كما يقع ابتداء فقد يقع مآلاً، وذلك بفعل أمر لا إحداث فيه البتة: لا من جهة التقريب إلى الله بما لم يشرع، ولا من جهة الخروج على نظام الدين، لكن الإحداث في الدين وقع بفعل هذا الأمر في ثاني الحال؛ لكونه يفضي في المآل إلى الإحداث، فأُعطيت الذرائع المؤدية إلى البدعة حكم البدعة.