للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر الغسل لكل صلاة وقال: من أين لكم أنه لم ينقل؟ ... ...

وانفتح باب البدعة، وقال كل من دعا إلى بدعة: من أين لكم أن هذا لم ينقل؟) (١).

السؤال الثاني: إذا سُلِّم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل هذه العبادة فذلك لأن المقتضي في حقه - صلى الله عليه وسلم - منتف؛ لكونه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وتركه - صلى الله عليه وسلم - كما تقرر - لا يكون حجة إلا بشرط قيام المقتضي، فهو - صلى الله عليه وسلم - بخلاف أمته - ولاسيما المتأخرين - فإن المقتضي في حقهم قائم ثابت، وذلك لعظم تقصيرهم وكثرة ذنوبهم.

والجواب: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن بطلان هذه الدعوى، وذلك في قصة الرهط الثلاثة الذين سألوا عن عبادته - صلى الله عليه وسلم - فلما أُخبروا بها كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر! فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» (٢).

وبذلك يعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ الغاية القصوى في تقوى الله والحرص على التقرب إليه بأنواع التعبدات والطاعات.

وبهذا يتقرر أصل مهم في هذا الباب، وهو: أن المقتضي لفعل عمل ما في باب العبادات متى ثبت في حق الأمة فثبوته في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى وأتم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أتقى هذه الأمة لله على الإطلاق.


(١) إعلام الموقعين (٢/ ٣٩٠، ٣٩١).
(٢) أخرجه البخاري (٩/ ١٠٤) برقم ٥٠٦٣.

<<  <   >  >>