للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للرجل إكرامًا له وتعظيمًا، فإن العمل المتصل تركه، فقد كانوا لا يقومون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل عليهم.

ومنها: أن يكون مما فُعل فلتة، فسكت عنه - صلى الله عليه وسلم - مع علمه به، ثم بعد ذلك لا يفعله ذلك الصحابي ولا غيره، ولا يشرعه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يأذن فيه ابتداء لأحد كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر فعمل فيه، ثم رأى أن قد خان الله ورسوله فربط نفسه بسارية من سواري المسجد (١).

ومنها: أن يكون العمل القليل رأيًا لبعض الصحابة لم يُتابع عليه، كفعل ابن عمر رضي الله عنهما في تتبعه آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وقصده الصلاة فيها؛ (فهذا لم ينقل عن غير ابن عمر من الصحابة، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حُجّاجًا وعُمّارًا ومسافرين، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرَّى الصلاة في مصليات النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبًا لكانوا إليه أسبق؛ فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم) (٢).


(١) فعل ذلك أبو لبابة رضي الله عنه. انظر القصة في جامع البيان للطبري (٦/ ٢٢١)، وزاد المعاد (٣/ ١٣٣ - ١٣٥)، والبداية والنهاية (٤/ ١٢٠ - ١٢٧)، والدر المنثور (٣/ ١٧٨).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧٤٨).

<<  <   >  >>