للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْكَامِ النَّاسِي وَتَقْرِيرُ الْأَحْكَامِ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ السَّهْوِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَعَادَاتِهِ وَأَذْكَارِ قَلْبِهِ فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ فَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى امْتِنَاعِ تَعَمُّدِهِ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَفِيمَا لَيْسَ سَبِيلُهُ الْبَلَاغُ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَلَا أَخْبَارِ الْقِيَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَا يُضَافُ إِلَى وَحْيٍ فَجَوَّزَهُ قَوْمٌ إِذْ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّ خَبَرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُلْفٌ فِي خَبَرٍ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا لَا فِي صِحَّةٍ وَلَا في مرض ولارضاء وَلَا غَضَبٍ وَحَسْبُكَ فِي ذَلِكَ أَنَّ سِيرَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامَهُ وَأَفْعَالَهُ مَجْمُوعَةٌ مُعْتَنًى بِهَا عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ يَتَدَاوَلُهَا الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُرْتَابُ فَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اسْتِدْرَاكُ غَلَطٍ فِي قَوْلٍ وَلَا اعْتِرَافٌ بِوَهْمٍ فِي كَلِمَةٍ وَلَوْ كَانَ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ سَهْوُهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَوْمُهُ عَنْهَا وَاسْتِدْرَاكُهُ رَأْيَهُ فِي تَلْقِيحِ النَّخْلِ وَفِي نُزُولِهِ بِأَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَغَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا جَوَازُ السَّهْوِ فِي الِاعْتِقَادَاتِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي فِيهِ أَمْرُ التَّابِعِ بِتَذْكِيرِ الْمَتْبُوعِ بِمَا يَنْسَاهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَنْظُرْ أَحْرَى ذَلِكَ لِلصَّوَابِ وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ الصَّوَابُ فِيهِ دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الرَّأْي عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتٍ تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانُ بِالزِّيَادَةِ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لَهُمْ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي طَائِفَةٍ هَذَا لِمَنِ اعْتَرَاهُ الشَّكُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَبْنِي على اليقين

<<  <  ج: ص:  >  >>