(بَابُ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ)
عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لَا يَقَعُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَقْصُودُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ صَلَّى الله عليه وسلم نهاهمم عَنْ إِكْثَارِ السُّؤَالِ وَالِابْتِدَاءِ بِالسُّؤَالِ عَمَّا لَا يَقَعُ وَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَعَانٍ مِنْهَا أَنَّهُ رُبَّمَا كان سببا لتحريم شئ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَلْحَقُهُمْ بِهِ الْمَشَقَّةُ وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عن شئ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْجَوَابِ مَا يَكْرَهُهُ السَّائِلُ وَيَسُوؤُهُ وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إن تبدلكم تسؤكم كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَمِنْهَا أَنَّهُمْ رُبَّمَا أَحْفَوْهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بالمسألة والحفوة الْمَشَقَّةُ وَالْأَذَى فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِهَلَاكِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ إِلَى آخِرِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[٢٣٥٨] (إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شئ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ سَأَلَ عَنْ شئ وَنَقَّرَ عَنْهُ أَيْ بَالَغَ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ وَالِاسْتِقْصَاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمُرَادُ بِالْجُرْمِ هُنَا الْحَرَجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا أَنَّهُ الْجُرْمُ الَّذِي هُوَ الْإِثْمُ الْمُعَاقَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ السُّؤَالَ كَانَ مُبَاحًا وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلوني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute