للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخبثتا بثاء مثلثة أي قالتا الكلام الردئ وفي بعضها استحيتا من الاستحياء وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ اسْتَحَثَتَا بِمُثَلَّثَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ قَالَ وَمَعْنَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْحِيفًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ حَثَتْ فِي وَجْهِ الْأُخْرَى التُّرَابَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من حُسْنِ الْخُلُقِ وَمُلَاطَفَةِ الْجَمِيعِ وَقَدْ يَحْتَجُّ الْحَنَفِيَّةُ بقوله مديده ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَمَسَ بِلَا حَائِلٍ وَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمْ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ لَمَسَ بَشَرَتَهَا بِلَا حَائِلٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ احْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَمُبَالَغَةٌ فِي زَجْرِهِنَّ وَقَطْعِ خِصَامِهِنَّ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَشَفَقَتُهُ وَنَظَرُهُ فِي الْمَصَالِحِ وَفِيهِ إِشَارَةُ الْمَفْضُولِ عَلَى صَاحِبِهِ الْفَاضِلِ بِمَصْلَحَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب جَوَازِ هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا لِضُرَّتِهَا)

[١٤٦٣] قَوْلُهُ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ مِنَ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ) الْمِسْلَاخُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْجِلْدُ وَمَعْنَاهُ أَنْ أَكُونَ أنا هي وزمعة بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَقَوْلُهَا مِنَ امْرَأَةٍ قَالَ الْقَاضِي مِنْ هُنَا لِلْبَيَانِ وَاسْتِفْتَاحِ الْكَلَامِ وَلَمْ تُرِدْ عَائِشَةُ عَيْبَ سَوْدَةَ بِذَلِكَ بَلْ وَصَفَتْهَا بِقُوَّةِ النَّفْسِ وَجَوْدَةِ الْقَرِيحَةِ وَهِيَ الْحِدَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ قَوْلُهَا (فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ) فِيهِ جَوَازُ هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ رِضَا الزَّوْجِ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْوَاهِبَةِ فَلَا يَفُوتُهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ عِوَضًا وَيَجُوزُ أَنْ تَهَبَ لِلزَّوْجِ فَيَجْعَلَ الزَّوْجُ نَوْبَتَهَا لِمَنْ شَاءَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَوْزِيعُهَا عَلَى الْبَاقِيَاتِ وَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ فَتَرْجِعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي لِأَنَّ الْهِبَاتِ يُرْجَعُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهَا دُونَ الْمَقْبُوضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>