للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاقِعِ مِنَ اثْنَيْنِ مُخْتَصٌّ بِالْبَادِئِ مِنْهُمَا كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الثَّانِي قَدْرَ الِانْتِصَارِ فَيَقُولُ لِلْبَادِئِ أَكْثَرَ مِمَّا قَالَ لَهُ وَفِي هَذَا جَوَازُ الِانْتِصَارِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَقَدْ تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة قال الله تَعَالَى وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عليهم من سبيل وَقَالَ تَعَالَى وَاَلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ ينتصرون وَمَعَ هَذَا فَالصَّبْرُ وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عزم الامور وللحديث المذكور بعد هذا مازاد اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَاعْلَمْ أَنَّ سِبَابَ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَسْبُوبِ أَنْ يَنْتَصِرَ إِلَّا بِمِثْلِ ما سبه مالم يَكُنْ كَذِبًا أَوْ قَذْفًا أَوْ سَبًّا لِأَسْلَافِهِ فَمِنْ صُوَرِ الْمُبَاحِ أَنْ يَنْتَصِرَ بِيَا ظَالِمُ يَا أَحْمَقُ أَوْ جَافِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَنْفَكُّ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ قَالُوا وَإِذَا انْتَصَرَ الْمَسْبُوبُ اسْتَوْفَى ظُلَامَتَهُ وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ حَقِّهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ إِثْمُ الِابْتِدَاءِ أَوِ الْإِثْمُ الْمُسْتَحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يَرْتَفِعُ عَنْهُ جَمِيعُ الْإِثْمِ بِالِانْتِصَارِ مِنْهُ وَيَكُونُ مَعْنَى عَلَى الْبَادِئِ أَيْ عَلَيْهِ اللَّوْمُ وَالذَّمُّ لَا الْإِثْمُ

(بَاب اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ)

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[٢٥٨٨] (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَارَكُ فِيهِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْمَضَرَّاتِ فَيَنْجَبِرُ نَقْصُ الصُّورَةِ بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّةِ وَهَذَا مُدْرَكٌ بِالْحِسِّ وَالْعَادَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ نَقَصَتْ صُورَتُهُ كَانَ فِي الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ جَبْرٌ لِنَقْصِهِ وَزِيَادَةٌ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (وما زادالله عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا) فِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ سَادَ وَعَظُمَ فِي الْقُلُوبِ وَزَادَ عِزُّهُ وَإِكْرَامُهُ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَجْرُهُ فِي الْآخِرَةِ وَعِزُّهُ هُنَاكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>