بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ فِي رِوَايَتِهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ عِبَارَتُهُمَا فِي كَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ شَيْخِهِمَا أَبِي مُعَاوِيَةَ بَيَّنَهَا مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَحَصَلَ فِيهِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ حَدَّثَنَا لِلِاتِّصَالِ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَفِي عَنْ خِلَافٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهَا وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنْ طَوَائِفِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا أَيْضًا لِلِاتِّصَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلُهَا مُدَلِّسًا فَبَيَّنَ مُسْلِمٌ ذَلِكَ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ كَانَ فِيهِ خَلَلٌ فَإِنَّهُ إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى عَنْ كَانَ مُفَوِّتًا لِقُوَّةِ حَدَّثَنَا وَرَاوِيًا بِالْمَعْنَى وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى حَدَّثَنَا كَانَ زَائِدًا فِي رِوَايَةِ أَحَدِهِمَا رَاوِيًا بِالْمَعْنَى وَكُلُّ هَذَا مِمَّا يُجْتَنَبُ وَاللَّهُ أعلم بالصواب
(باب اثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه وتعالى)
اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ الْكَافِرِينَ وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَجَهْلٌ قَبِيحٌ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْنِ وَرَوَاهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِيهَا مَشْهُورَةٌ وَاعْتِرَاضَاتُ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهَا لَهَا أَجْوِبَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَذَلِكَ بَاقِي شُبَهِهِمْ وَهِيَ مُسْتَقْصَاةٌ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ وَلَيْسَ بِنَا ضَرُورَةٌ إِلَى ذِكْرِهَا هُنَا وَأَمَّا رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي الدُّنْيَا وَحَكَمَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكَ أَنَّهُ حَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَحَدُهُمَا وُقُوعُهَا وَالثَّانِي لَا تَقَعُ ثُمَّ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute