للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة وأهل بدر رضي الله عنهم قَوْلُهُ

[٢٤٩٤] (رَوْضَةَ خَاخٍ) هِيَ بِخَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً فِي جَمِيعِ الطَّوَائِفِ وَفِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَالْكُتُبِ وَوَقَعَ في البخاري من رواية أبي عوانة حاج بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَالْجِيمِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَطِ أَبِي عَوَانَةَ وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بِذَاتِ حَاجٍّ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَهِيَ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ عَلَى طَرِيقِ الْحَجِيجِ وَأَمَّا رَوْضَةُ خَاخٍ فَبَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَقَالَ الصَّائِدِيُّ هِيَ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ) الظَّعِينَةُ هُنَا الْجَارِيَةُ وَأَصْلُهَا الْهَوْدَجُ وَسُمِّيَتْ بِهَا الْجَارِيَةُ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِيهِ وَاسْمُ هَذِهِ الظَّعِينَةُ سَارَةُ مَوْلَاةٌ لِعِمْرَانَ بْنِ أَبِي صَيْفِيٍّ الْقُرَشِيِّ وَفِي هَذَا مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ هَتْكُ أَسْتَارِ الْجَوَاسِيسِ بِقِرَاءَةِ كُتُبِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَفِيهِ هَتْكُ سِتْرِ الْمَفْسَدَةِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ كَانَ فِي السِّتْرِ مَفْسَدَةٌ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ السِّتْرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ وَلَا يَفُوتُ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّدْبِ إِلَى السِّتْرِ وَفِيهِ أَنَّ الْجَاسُوسَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا الْجِنْسُ كَبِيرَةٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِيذَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كبيرة بلا شك لقوله تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ الْآيَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ الْعَاصِي وَلَا يُعَزَّرُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَفِيهِ إِشَارَةُ جُلَسَاءِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ بِمَا يَرَوْنَهُ كَمَا أَشَارَ عُمَرُ بِضَرْبِ عُنُقِ حَاطِبٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ يُعَزَّرُ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَبَعْضُهُمْ يُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>