للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثْنَانِ دُونَ اثْنَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالْإِجْمَاعِ وَاللَّهُ أعلم

[باب الطب والمرض والرقى]

قوله

[٢١٨٥] (إن جبرائيل رَقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ بَعْدَهُ فِي الرُّقَى وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَدْ يظن مخالفا لهذه الأحاديث ولامخالفة بَلِ الْمَدْحُ فِي تَرْكِ الرُّقَى الْمُرَادُ بِهَا الرُّقَى الَّتِي هِيَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ وَالرُّقَى المجهولة والتى بغير العربية ومالا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا فَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَاهَا كُفْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ أَوْ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلانهى فِيهِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ إِنَّ الْمَدْحَ فِي ترك الرقى للأفضيلة وَبَيَانِ التَّوَكُّلِ وَالَّذِي فَعَلَ الرُّقَى وَأَذِنَ فِيهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ مَعَ أَنَّ تَرْكَهَا أَفْضَلُ وَبِهَذَا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ عَمَّنْ حَكَاهُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَقَدْ نَقَلُوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى بِالْآيَاتِ وَأَذْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْمَازِرِيُّ جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزَةٌ إِذَا كَانَتْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِذِكْرِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ أَوْ بما لايدرى مَعْنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُفْرٌ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي رُقْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَجَوَّزَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ وَمَنْ جَوَّزَهَا قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَدِّلُوا الرُّقَى فَإِنَّهُمْ لَهُمْ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا بَدَّلُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْرِضُوا على رقاكم لابأس بالرقى مالم يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأخرى يارسول اللَّهِ إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عنه بأجوبة أحدها كان نهى أولاثم نَسَخَ ذَلِكَ وَأَذِنَ فِيهَا وَفَعَلَهَا وَاسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى الْإِذْنِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الرُّقَى الْمَجْهُولَةِ كَمَا سَبَقَ وَالثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ لِقَوْمٍ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَنْفَعَتَهَا وَتَأْثِيرَهَا بِطَبْعِهَا كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَصْرَ الرُّقْيَةِ الْجَائِزَةِ فِيهِمَا وَمَنْعَهَا فِيمَا عداهما وانما المراد لارقية أَحَقُّ وَأَوْلَى مَنْ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِيهِمَا قَالَ الْقَاضِي وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ سُئِلَ عَنِ النَّشْرَةِ فَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ قَالَ وَالنَّشْرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>