(باب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ)
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مُصَرِّحَةٌ بِاسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ أَمَّا تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا هو غسل شئ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَمَا يُجَاوِزُ الْوَجْهَ زَائِدٌ على الجزء الذي يجب غسله لا ستيقان كَمَالِ الْوَجْهِ وَأَمَّا تَطْوِيلُ التَّحْجِيلِ فَهُوَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ إِلَى نِصْفِ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَالثَّالِثُ يُسْتَحَبُّ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَقْتَضِي هَذَا كُلَّهُ وَأَمَّا دَعْوَى الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فَوْقَ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ فَبَاطِلَةٌ وكيف تصح دعواهما وقد ثبت فُعِلَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ خَالَفَ فِيهِ مُخَالِفٌ كَانَ مَحْجُوجًا بِهَذِهِ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ زَادَ فِي عَدَدِ المرات وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَيُقَالُ الْمُجَمِّرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمَكْسُورَةِ وَقِيلَ لَهُ المجمر الأنه كَانَ يُجْمِرُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يُبَخِّرُهُ وَالْمُجْمِرُ صِفَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ وَيُطْلَقُ عَلَى ابْنِهِ نُعَيْمٍ مَجَازًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ وَأَشْرَعَ فِي السَّاقِ) مَعْنَاهُ أَدْخَلَ الْغُسْلَ فِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute