إِثْبَاتُ الْيَاءِ فِيهِمَا كَمَا سَبَقَ وَأَمَّا قَوْلُهُ (إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) فَهُوَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ غَرِمْتُ دِيَتَهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ فَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ بِالْفَاءِ لَا بِاللَّامِ وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِالْفَاءِ وَقَوْلُهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ) مَعْنَاهُ لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ حدا مضبوطا وقد أجمع العلماء علىأن مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ أَوْ جَلَّادُهُ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ فَمَاتَ فَلَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى جَلَّادِهِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَمَّا مَنْ مَاتَ مِنَ التَّعْزِيرِ فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ ضَمَانِهِ بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَفِي مَحَلِّ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهمَا تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِ الْإِمَامِ وَالثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْكَفَّارَةِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا وَالثَّانِي فِي مَالِ الْإِمَامِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَا ضَمَانَ فِيهِ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَاب قَدْرِ أَسْوَاطِ التَّعْزِيرِ
[١٧٠٨] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله عز وجل) ضبطوه يجلد بوجهين أحدهما بفتح الياء وكسر اللَّامِ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّعْزِيرِ هَلْ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ فَمَا دُونَهَا وَلَا تجوز الزِّيَادَةُ أَمْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّحَاوِيُّ لَا ضَبْطَ لِعَدَدِ الضَّرَبَاتِ بَلْ ذَلِكَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الْحُدُودِ قَالُوا لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضرب)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute