الصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَرْفِ وَأَمَّا صَاحِبُ التَّحْرِيرِ فَجَعَلَ الْمَعْدُومَ عِبَارَةً عَنِ الرَّجُلِ الْمُحْتَاجِ الْمُعْدِمِ الْعَاجِزِ عَنِ الْكَسْبِ وَسَمَّاهُ مَعْدُومًا لِكَوْنِهِ كَالْمَعْدُومِ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَعِيشَةِ كَتَصَرُّفِ غَيْرِهِ قَالَ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ صَوَابَهُ الْمُعْدِمَ بِحَذْفِ الْوَاوِ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ بَلْ مَا رَوَاهُ الرُّوَاةُ صَوَابٌ قَالَ وَقِيلَ مَعْنَى تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ أَيْ تَسْعَى فِي طَلَبِ عَاجِزٍ تُنْعِشُهُ وَالْكَسْبُ هُوَ الِاسْتِفَادَةُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَعْضُ الِاتِّجَاهِ كَمَا حَرَّرْتُ لَفْظَهُ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهَا وَتَقْرِي الضَّيْفَ فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ قَرَيْتُ الضَّيْفَ أُقْرِيهِ قِرًى بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورٌ وَقَرَاءً بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ وَيُقَالُ لِلطَّعَامِ الَّذِي يُضَيِّفُهُ بِهِ قِرًى بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورٌ وَيُقَالُ لِفَاعِلِهِ قَارٍ مِثْلُ قَضَى فَهُوَ قَاضٍ وَأَمَّا قَوْلُهَا وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَالنَّوَائِبُ جَمْعُ نائبة وهى الحادثة وانما قَالَتْ نَوَائِبَ الْحَقِّ لِأَنَّ النَّائِبَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَقَدْ تَكُونُ فِي الشَّرِّ قَالَ لَبِيدٌ ... نَوَائِبُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ كِلَاهُمَا ... فَلَا الْخَيْرُ مَمْدُودٌ وَلَا الشَّرُّ لَازِبُ ...
(قَالَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَعْنَى كَلَامِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّكَ لَا يُصِيبُكَ مَكْرُوهٌ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَرَمِ الشَّمَائِلِ وَذَكَرَتْ ضُرُوبًا مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَخِصَالَ الْخَيْرِ سَبَبُ السَّلَامَةِ مِنْ مَصَارِعِ السُّوءِ وَفِيهِ مَدْحُ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِمَصْلَحَةٍ نظر أو فيه تَأْنِيسُ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ مَخَافَةً مِنْ أَمْرٍ وَتَبْشِيرُهُ وَذِكْرُ أَسْبَابِ السَّلَامَةِ لَهُ وَفِيهِ أَعْظَمُ دَلِيلٍ وَأَبْلَغُ حُجَّةٍ عَلَى كَمَالِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَجَزَالَةِ رَأْيِهَا وَقُوَّةِ نَفْسِهَا وَثَبَاتِ قَلْبِهَا وَعِظَمِ فِقْهِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا (وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) مَعْنَاهُ صَارَ نَصْرَانِيًّا وَالْجَاهِلِيَّةُ مَا قَبْلَ رِسَالَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ فَاحِشِ الْجَهَالَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا (وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ) هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ يَكْتُبُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute