للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعِلْمُ فَيَحْفَظُهُ فَيَحْيَا قَلْبُهُ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيُعَلِّمُهُ غَيْرَهُ فَيَنْتَفِعُ وَيَنْفَعُ وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْأَرْضِ مالا تَقْبَلُ الِانْتِفَاعَ فِي نَفْسِهَا لَكِنْ فِيهَا فَائِدَةٌ وَهِيَ إِمْسَاكُ الْمَاءِ لِغَيْرِهَا فَيَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ وَالدَّوَابُّ وَكَذَا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ النَّاسِ لَهُمْ قُلُوبٌ حَافِظَةٌ لَكِنْ لَيْسَتْ لَهُمْ أَفْهَامٌ ثَاقِبَةٌ وَلَا رُسُوخَ لَهُمْ فِي الْعَقْلِ يَسْتَنْبِطُونَ بِهِ الْمَعَانِيَ وَالْأَحْكَامَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمُ اجْتِهَادٌ فِي الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَهُمْ يَحْفَظُونَهُ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبٌ مُحْتَاجٌ مُتَعَطِّشٌ لِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ أَهْلٌ لِلنَّفْعِ وَالِانْتِفَاعِ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُمْ فَيَنْتَفِعَ بِهِ فَهَؤُلَاءِ نَفَعُوا بِمَا بَلَغَهُمْ وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ الْأَرْضِ السِّبَاخُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ وَنَحْوُهَا فَهِيَ لَا تَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ وَلَا تُمْسِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا غَيْرُهَا وَكَذَا النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ النَّاسِ لَيْسَتْ لَهُمْ قُلُوبٌ حَافِظَةٌ وَلَا أَفْهَامٌ وَاعِيَةٌ فَإِذَا سَمِعُوا الْعِلْمَ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَلَا يَحْفَظُونَهُ لِنَفْعِ غَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهَا ضَرْبُ الْأَمْثَالِ وَمِنْهَا فَضْلُ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ وَشِدَّةُ الْحَثِّ عَلَيْهِمَا وَذَمُّ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(بَاب شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ)

وَمُبَالَغَتِهِ فِي تَحْذِيرِهِمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

[٢٢٨٣] (لأني أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ أَصْلُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ إِنْذَارَ قَوْمِهِ وَإِعْلَامَهُمْ بِمَا يُوجِبُ الْمَخَافَةَ نَزَعَ ثَوْبَهُ وَأَشَارَ بِهِ إِلَيْهِمْ اذا كان بعيدا منهم ليخبرهم بمادهمهم وَأَكْثَرُ مَا يَفْعَلُ هَذَا رَبِيئَةُ الْقَوْمِ وَهُوَ طَلِيعَتُهُمْ وَرَقِيبُهُمْ قَالُوا وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبْيَنُ لِلنَّاظِرِ وَأَغْرَبُ وَأَشْنَعُ مَنْظَرًا فَهُوَ أَبْلَغُ فِي اسْتِحْثَاثِهِمْ فِي التَّأَهُّبِ لِلْعَدُوِّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَا النَّذِيرُ الَّذِي أَدْرَكَنِي جَيْشُ الْعَدُوِّ فَأَخَذَ ثِيَابِي فَأَنَا أُنْذِرُكُمْ عُرْيَانًا قَوْلُهُ (فَالنَّجَاءَ) مَمْدُودٌ أَيِ انْجُوا النَّجَاءَ أَوِ اطْلُبُوا النَّجَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>