وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ مَعْنَاهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَآثَارِ تَثْبِيطِهِ وَاسْتِيلَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الذِّكْرُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَنْ يُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي فَإِنَّ ذَلِكَ نَهْيٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَقُولَ هَذَا اللَّفْظَ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ صِفَةِ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ بَوَّبَ لِهَذَا الْحَدِيثِ بَابَ عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى رَأْسِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَعْقِدُ قَافِيَةَ رَأْسِهِ وَإِنْ صَلَّى بَعْدَهُ وَإِنَّمَا يَنْحَلُّ عُقَدُهُ بِالذِّكْرِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ قَالَ وَيُتَأَوَّلُ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْعُقَدِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَجَعَلَ مَنْ صَلَّى وَانْحَلَّتْ عُقَدَهُ كَمَنْ لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ لِزَوَالِ أَثَرِهِ
(باب اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي بَيْتِهِ وَجَوَازِهَا فِي الْمَسْجِدِ)
وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الرَّاتِبَةُ وَغَيْرُهَا إِلَّا الشَّعَائِرَ الظَّاهِرَةَ وَهِيَ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالتَّرَاوِيحُ وَكَذَا مَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ هِيَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ
[٧٧٧] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا مَعْنَاهُ صَلُّوا فِيهَا وَلَا تَجْعَلُوهَا كَالْقُبُورِ مَهْجُورَةً مِنَ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ به صَلَاةُ النَّافِلَةِ أَيْ صَلُّوا النَّوَافِلَ فِي بُيُوتِكُمْ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ هَذَا فِي الْفَرِيضَةِ وَمَعْنَاهُ اجْعَلُوا بَعْضَ فَرَائِضِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لِيَقْتَدِيَ بِكُمْ مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِمْ قَالَ وَقَالَ الْجُمْهُورُ بَلْ هُوَ فِي النَّافِلَةِ لِإِخْفَائِهَا وَلِلْحَدِيثِ الْآخَرِ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا الْمَكْتُوبَةَ قُلْتُ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّافِلَةُ وَجَمِيعُ أَحَادِيثِ الْبَابِ تَقْتَضِيهِ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَرِيضَةِ وَإِنَّمَا حَثَّ عَلَى النَّافِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute