للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ ففيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وأصحها أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَتَقْدِيرُهُ يَثْبُتُ لَهُمَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَتَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ فَيَلْزَمَ الْبَيْعُ بِنَفْسِ التَّخَايُرِ وَلَا يَدُومُ إِلَى الْمُفَارَقَةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهَا فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ فِيهِ بِالْمُفَارَقَةِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ أن لا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَارٌ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ يُصَحِّحُ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بُطْلَانُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَهَذَا تَنْقِيحُ الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ وَنَقَلُوهُ عَنْهُ وَأَبْطَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا سِوَاهُ وَغَلَّطُوا قَائِلَهُ وَمِمَّنْ رَجَّحَهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ بَسَطَ دَلَائِلَهُ وَبَيَّنَ ضَعْفَ مَا يُعَارِضُهَا ثُمَّ قَالَ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى تَضْعِيفِ الْأَثَرِ الْمَنْقُولِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ فِيهِ شَرْطُ قَطْعِ الْخِيَارِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِبَيْعِ الْخِيَارِ التَّخْيِيرُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ بيعٌ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّ نَافِعًا رُبَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِبَيْعِ الْخِيَارِ وَرُبَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِتَصْحِيحِ هَذَا أبو عيسى الترمذى ونقل بن الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَاقِ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ والاوزاعى وبن عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ) وَمَعْنَى أَوْ يُخَيِّرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>