عن عمران قاله بن الْمَدِينِيِّ قُلْتُ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ بن سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ وَلَوْ ثَبَتَ عَدَمُ سَمَاعِهِ مِنْهُ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَى الْإِمَامِ مُسْلِمٍ فِيهِ عَتَبٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً بَعْدَ ذِكْرِهِ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ الْوَاضِحَةَ وَقَدْ سَبَقَ لِهَذَا نَظَائِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
(بَاب جَوَازِ بيع المدبر
[٩٩٧] قول هـ (إَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ) مَعْنَى أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ أَيْ دَبَّرَهُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَسُمِّيَ هَذَا تَدْبِيرًا لأنه يحصل العتق فيه فِي دُبُرِ الْحَيَاةِ وَأَمَّا هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ فَيُقَالُ لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ وَاسْمُ الْغُلَامِ الْمُدَبَّرِ يَعْقُوبُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قِيَاسًا عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَمِمَّنْ جَوَّزَهُ عَائِشَةُ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالسَّلَفِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ قَالُوا وَإِنَّمَا بَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ اقْضِ بِهِ دَيْنَكَ قَالُوا وَإِنَّمَا دَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يكن له مَالٌ غَيْرُهُ فَرَدَّ تَصَرُّفَهُ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَكَذَلِكَ يُرَدُّ تَصَرُّفُ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ بَلْ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ نَفَاذُ تَصَرُّفِ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّهُ فَعَلَ ذلك نظرا له إذا لَمْ يَتْرُكْ لِنَفْسِهِ مَالًا وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ أن الحديث)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute