للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مُخْتَصَرًا وَقَدْ بَسَطَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ بَسْطًا لَمْ يَبْسُطْهُ غَيْرُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَالْإِتْقَانِ وَالْفَوَائِدِ الْجَمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْمُ وَهُمْ بَعْدُ فِي الصَّلَاةِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَوِّزِينَ نَسْخَ الصَّلَاةِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابًا وَذَلِكَ لا يبطل عندنا وعند غيرنا والمسئلة مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صحيح أن الجماعة أومأوا أَيْ نَعَمْ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَعِنْدكُمْ لَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي الرُّجُوعُ فِي قَدْرِ صَلَاتِهِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبَنَى عَلَيْهِ لا أنه رجع إلى مجرد قولهم وَلَوْ جَازَ تَرْكُ يَقِينِ نَفْسِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَرَجَعَ ذُو الْيَدَيْنِ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْخُطُوَاتِ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا تُبْطِلُهَا كَمَا لَا يُبْطِلُهَا الْكَلَامُ سَهْوًا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لَا يُبْطِلُهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى إِلَى الْجِذْعِ وَخَرَجَ السَّرَعَانُ وَفِي رِوَايَةٍ دَخَلَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَجَعَ النَّاسُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ صَعْبٌ عَلَى من أبطلها والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>