للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>