غَرِيبٌ مَحْكِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ مَحْكِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَكْتُوبَةَ لَا تَجُوزُ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ فَلَوِ أَمْكَنَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَلَى الدَّابَّةِ وَاقِفَةً عَلَيْهَا هَوْدَجٌ أَوْ نَحْوُهُ جَازَتِ الْفَرِيضَةُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي مَذْهَبِنَا فَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً لَمْ تَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ لِلشَّافِعِيِّ وَقِيلَ تَصِحُّ كَالسَّفِينَةِ فَإِنَّهَا يَصِحُّ فِيهَا الْفَرِيضَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ فِي رَكْبٍ وَخَافَ لَوْ نَزَلَ لِلْفَرِيضَةِ انْقَطَعَ عَنْهُمْ وَلَحِقَهُ الضَّرَرُ قَالَ أَصْحَابُنَا يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ عَلَى الدَّابَّةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَتَلْزَمُهُ إِعَادَتُهَا لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ قَوْلُهُ وَيُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوِتْرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الرَّاحِلَةِ دَلِيلُنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فَإِنْ قِيلَ فَمَذْهَبُكُمْ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فقد صح فعله لَهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْعُمُومِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَالظُّهْرِ فَإِنْ قِيلَ الظُّهْرُ فَرْضٌ وَالْوِتْرُ وَاجِبٌ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ قُلْنَا هَذَا الْفَرْقُ اصْطِلَاحٌ لَكُمْ لَا يُسَلِّمُهُ لَكُمُ الْجُمْهُورُ وَلَا يَقْتَضِيهِ شَرْعٌ وَلَا لُغَةٌ وَلَوْ سُلِّمَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مُعَارَضَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا تَنَفُّلُ رَاكِبِ السَّفِينَةِ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا مَلَّاحَ السَّفِينَةِ فَيَجُوزُ لَهُ إِلَى غَيْرِهَا لِحَاجَةٍ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ كَمَذْهَبِنَا وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ لِكُلِّ أَحَدٍ قَوْلُهُ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَيُصَلِّي سُبْحَتَهُ أَيْ يَتَنَفَّلُ وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ النافلة قوله حيثما توجهت به راجلته يَعْنِي فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى غَيْرِ الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَ إِلَى القبلة جاز وإلا فلا قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مُتَوَجِّهٌ وَيُقَالُ قَاصِدٌ وَيُقَالُ مُقَابِلٌ قَوْلُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ قَالُوا وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ عَلَى الْبَعِيرِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْحِمَارِ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَمُتَابِعِيهِ وَفِي الْحُكْمِ بِتَغْلِيطِ رِوَايَةِ عَمْرٍو نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ نَقَلَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا فلعله كان لحمار مَرَّةً وَالْبَعِيرُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهُ شَاذٌّ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ في البعيد والراحلة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute