للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّنَّةِ لَا أُمَّ لَكَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ فَحَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ فِي مُسْلِمٍ كَمَا تَرَاهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا تَأْوِيلَاتٌ وَمَذَاهِبُ وَقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ لَيْسَ فِي كِتَابِي حَدِيثٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَحَدِيثَ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي حديث شارب الخمر هو كما قاله فَهُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ بَلْ لَهُمْ أَقْوَالٌ مِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي غَيْمٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ انْكَشَفَ الْغَيْمُ وَبَانَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ دَخَلَ فَصَلَّاهَا وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا احْتِمَالَ فِيهِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى تَأْخِيرِ الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَصَلَّاهَا فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ فَصَلَّاهَا فَصَارَتْ صَلَاتُهُ صُورَةَ جَمْعٍ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل بن عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حِينَ خَطَبَ وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْحَدِيثِ لِتَصْوِيبِ فِعْلِهِ وَتَصْدِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ وَعَدَمُ إِنْكَارِهِ صَرِيحٌ فِي رَدِّ هَذَا التَّأْوِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَعْذَارِ وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهِ لظاهر الحديث ولفعل بن عَبَّاسٍ وَمُوَافَقَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>