للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً بِدَلَائِلِهَا فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قوله صلى الله عليه وسلم إن عيني تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَسَبَقَ فِي حَدِيثِ نَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَادِي فَلَمْ يَعْلَمْ بِفَوَاتِ وَقْتِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ لَا بِالْقَلْبِ وَأَمَّا أَمْرُ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ فَمُتَعَلِّقٌ بِالْقَلْبِ وَأَنَّهُ قِيلَ إِنَّهُ فِي وَقْتٍ يَنَامُ قَلْبُهُ وَفِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فَصَادَفَ الْوَادِي نَوْمَهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ قَوْلُهَا كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ هَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْهُمَا فَأَبَاحَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا وَقَالَ أَحْمَدُ لَا أَفْعَلُهُ وَلَا أَمْنَعُ مَنْ فَعَلَهُ قَالَ وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ قُلْتُ الصَّوَابُ أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا لِبَيَانِ جَوَازِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَبَيَانِ جَوَازِ النَّفْلِ جَالِسًا وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةٍ وَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِهَا كَانَ يُصَلِّي فَإِنَّ الْمُخْتَارَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَفْظَةَ كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا الدَّوَامُ وَلَا التَّكْرَارُ وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ مَاضٍ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ مَرَّةً فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرَارِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تَقْتَضِيهِ بِوَضْعِهَا وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كُنْتُ أُطَيِّبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ أَنْ صَحِبَتْهُ عَائِشَةُ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَاسْتَعْمَلَتْ كَانَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهَا طَيَّبَتْهُ فِي إِحْرَامِهِ بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَحِلُّ لَهُ الطِّيبُ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْإِجْمَاعِ فَثَبَتَ أَنَّهَا اسْتَعْمَلَتْ كَانَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا حَدِيثَ الرَّكْعَتَيْنِ جَالِسًا لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ مَعَ رِوَايَاتِ خَلَائِقَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلِ كَانَ وِتْرًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالْأَمْرِ بِجَعْلِ آخِرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا مِنْهَا اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا وصلاة اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَشْبَاهِهَا أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَيَجْعَلُهُمَا آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ بَيَانِ الْجَوَازِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ وَرَدِّ رِوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>