للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ قَالَ الْعُلَمَاءُ لِلرَّبِّ ثَلَاثُ مَعَانٍ فِي اللُّغَةِ السَّيِّدُ الْمُطَاعُ فَشَرْطُ الْمَرْبُوبِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ سَيِّدُ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ بَلِ الْجَمِيعُ مُطِيعٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَتَيْنَا طائعين قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ الْحَقُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَقُّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّقُ وُجُودُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ صَحَّ وُجُودُهُ وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقٌّ وَمِنْهُ الْحَاقَّةُ أَيِ الْكَائِنَةُ حَقًّا بِغَيْرِ شَكٍّ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ أَيْ كُلُّهُ مُتَحَقِّقٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ خَبَرُكَ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَقِيلَ أَنْتَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَقِيلَ مُحِقُّ الْحَقِّ وَقِيلَ الْإِلَهُ الْحَقُّ دُونَ مَا يَقُولُهُ الْمُلْحِدُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وقيل في قوله ووعدك الحق أي ومعنى صدق لِقَاؤُكَ حَقٌّ أَيِ الْبَعْثُ وَقِيلَ الْمَوْتُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَالصَّوَابُ الْبَعْثُ فَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْمُلْحِدِ لَا بِالْمَوْتِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وبك خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي إِلَى آخِرِهِ مَعْنَى أَسْلَمْتُ اسْتَسْلَمْتُ وَانْقَدْتُ لِأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ وَبِكَ آمَنْتُ أَيْ صَدَّقْتُ بِكَ وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرْتَ وَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ أَيْ أَطَعْتُ وَرَجَعْتُ إِلَى عِبَادَتِكَ أَيْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ رَجَعْتُ إِلَيْكَ فِي تَدْبِيرِي أَيْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ وَبِكَ خَاصَمْتُ أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْقُوَّةِ خَاصَمْتُ مَنْ عَانَدَ فِيكَ وَكَفَرَ بِكَ وَقَمَعْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَبِالسَّيْفِ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ أَيْ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>