كَافِرٍ مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ وَصَنَمٍ وَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَزِنْدِيقٍ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ ٨ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ٨ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ النُّسُكُ الْعِبَادَةُ وَأَصْلُهُ مِنَ النَّسِيكَةِ وَهِيَ الْفِضَّةُ الْمُذَابَةُ الْمُصَفَّاةُ مِنْ كُلِّ خَلْطٍ وَالنَّسِيكَةُ أَيْضًا كُلُّ مَا يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى قوله حياي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي أَيْ حَيَاتِي وَمَوْتِي وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ فِيهِمَا وَإِسْكَانُهَا وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى فَتْحِ يَاءِ مَحْيَايَ وَإِسْكَانِ مَمَاتِي قَوْلُهُ ٨لِلَّهِ٨ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ لَامُ الْإِضَافَةِ وَلَهَا مَعْنَيَانِ الْمِلْكُ وَالِاخْتِصَاصُ وَكِلَاهُمَا مُرَادٌ قَوْلُهُ ٨ رَبِّ الْعَالَمِينَ٨ فِي مَعْنَى رَبِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَالِكُ وَالسَّيِّدُ وَالْمُدَبِّرُ وَالْمُرَبِّي فَإِنْ وُصِفَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَبٍّ لِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ سَيِّدٌ فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَإِنْ وُصِفَ لِأَنَّهُ مُدَبِّرُ خَلْقِهِ وَمُرَبِّيهِمْ فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ وَمَتَى دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَقِيلَ الرَّبُّ اخْتُصَّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا حُذِفَتَا جَازَ إِطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَيُقَالُ رَبُّ الْمَالِ وَرَبُّ الدَّارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالْعَالَمُونَ جَمْعُ عَالَمٍ وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ وَاحِدٍ مِنْ لَفْظِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَقِيقَتِهِ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ الْعَالَمُ كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْفَرَّاءُ الشَّيَاطِينُ وَقِيلَ بَنُو آدَمَ خَاصَّةً قَالَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ وَأَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ وَقَالَ الْآخَرُونَ هُوَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ قِيلَ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَلَامَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ صَانِعِهِ وَقِيلَ مِنَ الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ بِالْعُقَلَاءِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ أَيِ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ قَوْلُهُ وَأَنَا عَبْدُكَ أَيْ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّكَ مَالِكِي وَمُدَبِّرِي وَحُكْمُكَ نَافِذٌ فِيَّ قَوْلُهُ ظَلَمْتُ نَفْسِي أَيِ اعْتَرَفْتُ بِالتَّقْصِيرِ قَدَّمَهُ عَلَى سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَدَبًا كَمَا قَالَ آدَمُ وَحَوَّاءُ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ من الخاسرين قَوْلُهُ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ أَيْ أَرْشِدْنِي لِصَوَابِهَا وَوَفِّقْنِي لِلتَّخَلُّقِ بِهِ قَوْلُهُ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا أَيْ قَبِيحَهَا قَوْلُهُ لَبَّيْكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute