للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخَالِفُ الْمَعْرُوفَ مِنْ طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَادَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِلُطْفٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا رَجَعَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَلَهُ مَعْنًى مُخَصَّصٌ عَرَفَهُ التَّابِعُ وَاسْتَفَادَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالٍ يَعْلَمُهَا وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا وَفِيهِ مَعَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ بِالسُّؤَالِ يَسْلَمُ مِنْ إِرْسَالِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بِتَعَارُضِ الْأَفْعَالِ أَوِ الْأَقْوَالِ وَعَدَمِ الِارْتِبَاطِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ قَوْلُهَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ فِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا إِثْبَاتُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ إِذَا فَاتَتْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَمِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مَا لَا سَبَبَ لَهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عُمْدَةُ أَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ لَنَا أَصَحُّ دَلَالَةً مِنْهُ وَدَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ دَاوَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَلَا يَقُولُونَ بِهَذَا قُلْنَا لِأَصْحَابِنَا فِي هَذَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ بِهِ فَمَنْ دَأْبُهُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ فَقَضَاهَا فِي وَقْتِ النَّهْيِ كَانَ لَهُ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى صَلَاةٍ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْصُلُ الدَّلَالَةُ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا الْأَصْلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمُ التَّخْصِيصِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ بِهِ بَلْ هُنَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ وَهِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ أَنَّهَا سُنَّةُ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْفِعْلُ مُخْتَصٌّ بِي وَسُكُوتُهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمُهِمَّاتُ بُدِئَ بِأَهَمِّهَا وَلِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>