للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَاسْتَثْبَتَهُ أَوْ أرَادَ إِعْلَامَ النَّاسِ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوِ هَذَا مِنَ الْمَقَاصِدِ قَالُوا وَيَبْعُدُ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مَعَ شُهُودِهِ صَلَاةَ الْعِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ وَقُرْبِهِ مِنْهُ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّهُ تُسَنُّ الْقِرَاءَةُ بِهِمَا فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهِمَا لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَإِهْلَاكِ الْمُكَذِّبِينَ وَتَشْبِيهِ بُرُوزِ النَّاسِ لِلْعِيدِ بِبُرُوزِهِمْ لِلْبَعْثِ وَخُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جراد منتشر والله أعلم

[٨٩٢] قَوْلُهَا وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ أَمَّا بُعَاثُ فَبِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ وَتَرْكُ صَرْفِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَهُوَ يَوْمٌ جَرَتْ فِيهِ بَيْنَ قَبِيلَتَيِ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَرْبٌ وَكَانَ الظُّهُورُ فِيهِ لِلْأَوْسِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَشْهُورُ الْمُهْمَلَةُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَوْلُهَا وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ مَعْنَاهُ لَيْسَ الْغِنَاءُ عَادَةً لَهُمَا وَلَا هُمَا مَعْرُوفَتَانِ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْغِنَاءِ فَأَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَرَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ هَذَا الْغِنَاءَ إِنَّمَا كَانَ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْقَتْلِ وَالْحِذْقِ فِي الْقِتَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا يَهِيجُ النُّفُوسَ عَلَى الشَّرِّ وَيَحْمِلُهَا عَلَى الْبَطَالَةِ وَالْقَبِيحِ قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا كَانَ غِنَاؤُهُمَا بِمَا هُوَ مِنْ أَشْعَارِ الْحَرْبِ وَالْمُفَاخَرَةِ بِالشَّجَاعَةِ وَالظُّهُورِ وَالْغَلَبَةِ وَهَذَا لَا يُهَيِّجُ الْجَوَارِيَ عَلَى شَرٍّ وَلَا إِنْشَادُهُمَا لِذَلِكَ مِنَ الْغِنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِنْشَادِ وَلِهَذَا قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يتغنى

<<  <  ج: ص:  >  >>