أَحَدُهُمَا أَنَّهَا شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطَالَةِ تَنْفِيسُ الِاعْتِدَالِ وَمَدُّهُ قَلِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِطَالَتُهُ نَحْوَ الرُّكُوعِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَهُ أَيْ تَدْخُلُونَهُ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَقَبْرٍ وَمَحْشَرٍ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ تَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَآهُمَا رُؤْيَةَ عَيْنٍ كَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَأَزَالَ الْحُجُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا كَمَا فَرَّجَ لَهُ عَنِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حِينَ وَصَفَهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ أَيْ فِي جِهَتِهِ وَنَاحِيَتِهِ أَوْ فِي التَّمْثِيلِ لِقُرْبِ الْمُشَاهَدَةِ قَالُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رُؤْيَةَ عِلْمٍ وَعَرْضَ وَحْيٍ بِإِطْلَاعِهِ وَتَعْرِيفِهِ مِنْ أُمُورِهَا تَفْصِيلًا مَا لَمْ يَعْرِفْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ عَظِيمِ شَأْنِهِمَا مَا زَادَهُ عِلْمًا بِأَمْرِهِمَا وَخَشْيَةً وَتَحْذِيرًا وَدَوَامَ ذِكْرٍ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا قَالَ الْقَاضِي وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَشْبَهُ بِأَلْفَاظِ الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْعَيْنِ كَتَنَاوُلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُنْقُودَ وَتَأَخُّرِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُ لَفْحُ النَّارِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ مَعْنَى تَنَاوَلْتُ مَدَدْتُ يَدَيَّ لِآخُذَهُ وَالْقِطْفُ بِكَسْرِ الْقَافِ الْعُنْقُودُ وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ مَوْجُودَتَانِ الْيَوْمَ وَأَنَّ فِي الْجَنَّةِ ثِمَارًا وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا أَيْ بِسَبَبِ هِرَّةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ هَوَامُّهَا وَحَشَرَاتُهَا وَقِيلَ صِغَارُ الطَّيْرِ وَحَكَى الْقَاضِي فَتْحَ الْخَاءِ وَكَسْرَهَا وَضَمَّهَا وَالْفَتْحُ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْقَاضِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُؤَاخَذَةُ بِالصَّغَائِرِ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا عُذِّبَتْ عَلَيْهَا بِالنَّارِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً فَزِيدَ فِي عَذَابِهَا بِذَلِكَ هَذَا كَلَامُهُ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ بَلِ الصَّوَابُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا عُذِّبَتْ بِسَبَبِ الْهِرَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute