وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُزْرِيَةِ وَلَا هَيْئَةٍ يُخَافُ مَعَهَا سُقُوطُهَا قَالُوا وَلَا يَحْمِلُهَا إِلَّا الرِّجَالُ وَإِنْ كَانَتِ الْمَيِّتَةُ امْرَأَةً لِأَنَّهُمْ أَقْوَى لِذَلِكَ وَالنِّسَاءُ ضَعِيفَاتٌ وَرُبَّمَا انْكَشَفَ مِنَ الْحَامِلِ بَعْضُ بَدَنِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ اسْتِحْبَابِ الْإِسْرَاعِ بِالْمَشْيِ بِهَا وَأَنَّهُ مُرَادُ الْحَدِيثِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهَا إِذَا اسْتَحَقَّ مَوْتُهَا وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ كَرَاهَةُ الْإِسْرَاعِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْرَاعِ الْمُفْرِطِ الَّذِي يَخَافُ مَعَهُ انْفِجَارَهَا أَوْ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنَ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْكُ صُحْبَةِ أَهْلِ الْبَطَالَةِ غَيْرِ الصَّالِحِينَ
[٩٤٥] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا وَمُصَاحَبَتِهَا حَتَّى تُدْفَنَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ) مَعْنَاهُ بِالْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ قِيرَاطٌ وَبِالِاتِّبَاعِ مَعَ حُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطٌ آخَرُ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ قِيرَاطَيْنِ تُبَيِّنُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا رَجَعَ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالصَّلَاةِ وَالِاتِّبَاعِ وَحُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا وَالدَّلَائِلِ عَلَيْهَا فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةً فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ مَعَ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْدَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِيرَاطَ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ دَامَ مَعَهَا مِنْ حِينِ صَلَّى إِلَى أَنْ فَرَغَ وَقْتُهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute