للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَالْمَاشِيَةُ فَنُصُبُهَا مَعْلُومَةٌ وَرَتَّبَ الشَّرْعُ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ بِحَسَبِ الْمُؤْنَةِ وَالتَّعَبِ فِي الْمَالِ فَأَعْلَاهَا وَأَقَلُّهَا تَعَبًا الرِّكَازُ وَفِيهِ الْخُمُسُ لعدم التعب فيه ويليه الزرع والتمر فَإِنْ سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْعُشُرُ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ وَيَلِيهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالتِّجَارَةُ وَفِيهَا رُبُعُ الْعُشُرِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْعَمَلِ فِيهِ جَمِيعَ السَّنَةِ وَيَلِيهِ الْمَاشِيَةُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهَا الْأَوْقَاصُ بِخِلَافِ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[٩٧٩] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) الْأَوْسُقُ جَمْعُ وَسْقٍ فِيهِ لُغَتَانِ فَتْحُ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَسْرُهَا وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْحَمْلُ وَالْمُرَادُ بِالْوَسْقِ سِتُّونَ صَاعًا كُلُّ صَاعٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَفِي رِطْلِ بَغْدَادَ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بِلَا أَسْبَاعٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ فَالْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَهَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ بِالْأَرْطَالِ تَقْرِيبٌ أَمْ تَحْدِيدٌ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَقْرِيبٌ فَإِذَا نُقِصَ عَنْ ذلك يسيرا وجبت الزَّكَاةُ وَالثَّانِي تَحْدِيدٌ فَمَتَى نَقَصَ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَاتَيْنِ إِلَّا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ السَّلَفِ إِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قَلِيلِ الْحَبِّ وَكَثِيرِهِ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ مُنَابِذٌ لِصَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنَ الذَّهَبِ زَكَاةً إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا لَا تَجِبُ فِي أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا وَالْأَشْهَرُ عَنْهُمَا الْوُجُوبُ فِي عِشْرِينَ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَلَا زَكَاةَ فِي الْعِشْرِينَ حَتَّى تَكُونَ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا فِيمَا زَادَ فِي الْحَبِّ وَالتَّمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِحِسَابِهِ وَأَنَّهُ لَا أَوْقَاصَ فِيهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ والثورى والشافعي وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنَّ فِيمَا زَادَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُبُعَ الْعُشُرِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَلَا وَقْصَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ علي وبن عُمَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ السَّلَفِ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَلَا فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَفِي كل

<<  <  ج: ص:  >  >>