من تمر أوصاعا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى فَرَضَ هُنَا فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَعْنَاهُ أَلْزَمَ وَأَوْجَبَ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ وَاجِبٌ عِنْدَهُمْ لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تعالى وآتوا الزكاة وَلِقَوْلِهِ فَرَضَ وَهُوَ غَالِبٌ فِي اسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِيجَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ كَالْإِجْمَاعِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ إِنَّهَا سُنَّةٌ لَيْسَتْ وَاجِبَةً قَالُوا وَمَعْنَى فَرَضَ قَدَّرَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ وَاجِبَةٌ لَيْسَتْ فَرْضًا بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْفِطْرَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالزَّكَاةِ قُلْتُ هَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا فَرْضُ وَاجِبٍ قَوْلُهُ (مِنْ رَمَضَانَ) إِشَارَةٌ إِلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَدُخُولِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ وَالثَّانِي تَجِبُ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَقَالَ أَصْحَابُنَا تَجِبُ بِالْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ مَعًا فَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الطُّلُوعِ لَمْ تَجِبْ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ كَالْقَوْلَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ إِنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ هَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْفِطْرُ الْمُعْتَادُ فِي سَائِرِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ أَوِ الْفِطْرُ الطَّارِئُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَفِي قَوْلِهِ الْفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ صَامَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا قَالَ وَكَانَ سَبَبُ هَذَا أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَطُولُ وَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهَا مِنْ أُمُورٍ تُفَوِّتُ كَمَالَهَا جَعَلَ الشَّرْعُ فِيهَا كَفَّارَةً مَالِيَّةً بَدَلَ النَّقْصِ كَالْهَدْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَكَذَا الْفِطْرَةُ لِمَا يَكُونُ فِي الصَّوْمِ مِنْ لَغْوٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي إِخْرَاجِهَا عَنِ الصَّبِيِّ فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَجِبُ إِخْرَاجُهَا لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ هَذَا صَغِيرٍ أَوْ كبير وتعلق من لم يوجبها بأنها تَطْهِيرٌ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَى التَّطْهِيرِ لِعَدَمِ الْإِثْمِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّعْلِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute