للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ فِي إِطْلَاقِ الْإِنْسَانِ قَوْلَهُ أَنَا مُؤْمِنٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ بَلْ يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ وَذَهَبَ آخرون إلى جواز الاطلاق وأنه لايقول إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَوْلُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَنْ أَطْلَقَ نَظَرَ إِلَى الْحَالِ وَأَحْكَامُ الْإِيمَانِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَمَنْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالُوا فِيهِ هُوَ إِمَّا لِلتَّبَرُّكِ وَإِمَّا لِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَةِ وَمَا قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَدْرِي أَيَثْبُتُ عَلَى الْإِيمَانِ أَمْ يُصْرَفُ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ حَسَنٌ صَحِيحٌ نَظَرًا إِلَى مَأْخَذِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَرَفْعًا لِحَقِيقَةِ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَفِيهِ خِلَافٌ غَرِيبٌ لِأَصْحَابِنَا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُقَالُ هُوَ كَافِرٌ وَلَا يَقُولُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ فِي التَّقْيِيدِ كَالْمُسْلِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَيُقَالُ عَلَى قَوْلِ التَّقْيِيدِ هُوَ كَافِرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَظَرًا إِلَى الْخَاتِمَةِ وَأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ وَلَا يُكَفَّرُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مَا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً حُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَكُفْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعَرَّفُ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَمَرَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَكَذَا حُكْمُ مَنِ استحل الزنى أَوِ الْخَمْرَ أَوِ الْقَتْلَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ تَحْرِيمُهَا ضَرُورَةً فَهَذِهِ جُمَلٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِيمَانِ قَدَّمْتُهَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ تَمْهِيدًا لِكَوْنِهَا مِمَّا يَكْثُرُ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهَا وَتَرْدَادِهَا فِي الْأَحَادِيثِ فَقَدَّمْتُهَا لأحيل عليها اذا مررت بما يحرج عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالنِّعْمَةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

[٨] (حَدَّثَنِي أبو خيثمة زهير بن حرب ثنا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة عن يحيى بن

<<  <  ج: ص:  >  >>