للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِهَذَا نَكَّرَهُ وَالثَّوَابُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ نَفْلًا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّهْلِيلُ نَوَافِلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَجْرَ الْفَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ النَّفْلِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ نَفْسِهِ وَكِلَاهُمَا تَصِحُّ إِرَادَتُهُ هُنَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَاتِ تَصِيرُ طَاعَاتٍ بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَاتِ فَالْجِمَاعُ يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاءَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَافَ الزَّوْجَةِ وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَرَامٍ أَوَ الْفِكْرِ فِيهِ أَوِ الْهَمِّ بِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ قَوْلُهُ (قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) فِيهِ جَوَازُ الْقِيَاسِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ التَّابِعِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَمِّ الْقِيَاسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْفُقَهَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ وَهَذَا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دليل

<<  <  ج: ص:  >  >>