فَأَمَّا الْآنَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا) مَعْنَى أُعْطِيَهَا أَيْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ بَعْدَهُ مِمَّا وَرَدَ فِي كَثْرَةِ الْمَالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِالصَّدَقَةِ وَاغْتِنَامِ إِمْكَانِهَا قَبْلَ تَعَذُّرِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ تَصَدَّقُوا فيوشك الرجل إلى آخره وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِهِمُ الصَّدَقَةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَظُهُورِ كُنُوزُ الْأَرْضِ وَوَضْعِ الْبَرَكَاتِ فِيهَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ بَعْدَ هَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَقِلَّةِ آمَالِهِمْ وَقُرْبِ السَّاعَةِ وَعَدَمِ ادِّخَارِهِمُ الْمَالَ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٠١٢] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَطُوفُ الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ مِنَ الذَّهَبِ) إِنَّمَا هَذَا يَتَضَمَّنُ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الذَّهَبُ لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ فَكَيْفَ الظَّنُّ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا فَتَحْصُلُ الْمُبَالَغَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ كَوْنُهُ يَعْرِضُهَا وَيَطُوفُ بِهَا وَهِيَ ذَهَبٌ قَوْلُهُ وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ثُمَّ قال وفي رواية بن بَرَّادٍ وَتَرَى هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْأَوَّلُ يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَالثَّانِي بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ تَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ) مَعْنَى يَلُذْنَ بِهِ أَيْ يَنْتَمِينَ إِلَيْهِ لِيَقُومَ بِحَوَائِجِهِنَّ وَيَذُبَّ عَنْهُنَّ كَقَبِيلَةٍ بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا وَاحِدٌ فَقَطْ وَبَقِيَتْ نِسَاؤُهَا فَيَلُذْنَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ لِيَذُبَّ عَنْهُنَّ وَيَقُومَ بِحَوَائِجِهِنَّ وَلَا يَطْمَعَ فِيهِنَّ أَحَدٌ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا سَبَبُ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ فَهُوَ الْحُرُوبُ وَالْقِتَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute