للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ لِلَّهِ وَمِلْكِهِ وَخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا ظِلُّ الْعَرْشِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُبَيَّنًا وَالْمُرَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا وَأَخَذَهُمُ الْعَرَقُ وَلَا ظِلَّ هُنَاكَ لِشَيْءٍ إِلَّا لِلْعَرْشِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ هُنَا ظِلُّ الْجَنَّةِ وَهُوَ نَعِيمُهَا وَالْكَوْنُ فِيهَا كَمَا قال تعالى وندخلهم ظلا ظليلا قال القاضي وقال بن دِينَارٍ الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا الْكَرَامَةُ وَالْكَنَفُ وَالْكَفُّ مِنَ الْمَكَارِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظِلَّ الشَّمْسِ قَالَ الْقَاضِي وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ فِي اللِّسَانِ يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ قَالَ وَهَذَا أولى الأقوال وَتَكُونُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ مَكَانُ التَّقْرِيبِ وَالْكَرَامَةِ وَإِلَّا فَالشَّمْسُ وَسَائِرُ الْعَالَمِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي ظِلِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِمَامُ الْعَادِلُ) قَالَ الْقَاضِي هُوَ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ نَظَرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ وَبَدَأَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَصَالِحِهِ وَعُمُومِ نَفْعِهِ وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَفِي بَعْضِهَا الْإِمَامُ الْعَدْلُ وَهُمَا صَحِيحَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْبَاءِ نَشَأَ مُتَلَبِّسًا لِلْعِبَادَةِ أَوْ مُصَاحِبًا لَهَا أَوْ مُلْتَصِقًا بِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمَسَاجِدِ وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَفِي بَعْضِهَا مُتَعَلِّقٌ بِالتَّاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ شَدِيدُ الْحُبِّ لَهَا وَالْمُلَازَمَةِ لِلْجَمَاعَةِ فِيهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ دَوَامُ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ) مَعْنَاهُ اجْتَمَعَا عَلَى حُبِّ اللَّهِ وَافْتَرَقَا عَلَى حُبِّ اللَّهِ أَيْ كَانَ سَبَبُ اجْتِمَاعِهِمَا حُبَّ اللَّهِ وَاسْتَمَرَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا وَهُمَا صَادِقَانِ فِي حُبِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِلَّهِ تَعَالَى حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا وَافْتِرَاقِهِمَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى التَّحَابِّ فِي اللَّهِ وَبَيَانُ عِظَمِ فَضْلِهِ وَهُوَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ فَإِنَّ الْحُبَّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَهُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَثِيرٌ يُوَفَّقُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>