هَذِهِ الزَّهْرَةُ بِخَيْرٍ لِمَا تُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْمُنَافَسَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا عَنْ كَمَالِ الْإِقْبَالِ عَلَى الْآخِرَةِ ثُمَّ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ كُلَّ مَا ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكِلَةَ الْخَضِرِ إِلَى آخِرِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ نَبَاتَ الرَّبِيعِ وَخَضِرَهُ يَقْتُلُ حَبَطًا بِالتُّخَمَةِ لِكَثْرَةِ الْأَكْلِ أَوْ يُقَارِبُ الْقَتْلَ إِلَّا إِذَا اقْتُصِرَ مِنْهُ عَلَى الْيَسِيرِ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَتَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ الْمُقْتَصَدَةُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهَكَذَا الْمَالُ هُوَ كَنَبَاتِ الرَّبِيعِ مُسْتَحْسَنٌ تَطْلُبُهُ النُّفُوسُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَكْثِرُ مِنْهُ وَيَسْتَغْرِقُ فِيهِ غَيْرَ صَارِفٍ لَهُ فِي وُجُوهِهِ فَهَذَا يُهْلِكُهُ أَوْ يُقَارِبُ إِهْلَاكَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِدُ فِيهِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا يَسِيرًا وَإِنْ أَخَذَ كَثِيرًا فَرَّقَهُ فِي وُجُوهِهِ كَمَا تَثْلِطُهُ الدَّابَّةُ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ هَذَا مُخْتَصَرُ مَعْنَى الْحَدِيثِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِيهِ مَثَلَانِ أَحَدُهُمَا لِلْمُكْثِرِ مِنَ الْجَمْعِ الْمَانِعِ مِنَ الْحَقِّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ لِأَنَّ الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَجْرَارَ الْبُقُولِ فَتَسْتَكْثِرُ مِنْهُ الدَّابَّةُ حَتَّى تَهْلِكَ وَالثَّانِي لِلْمُقْتَصِدِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ لِأَنَّ الْخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَجْرَارِ الْبُقُولِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ضَرَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَثَلًا بِحَالَتَيِ الْمُقْتَصِدِ وَالْمُكْثِرِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ نَبَاتَ الرَّبِيعِ خَيْرٌ وَبِهِ قِوَامُ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ مُطْلَقًا بَلْ مِنْهُ مَا يَقْتُلُ أَوْ يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَحَالَةُ الْمَبْطُونِ الْمَتْخُومِ كَحَالَةِ مَنْ يَجْمَعُ الْمَالَ وَلَا يَصْرِفُهُ فِي وُجُوهِهِ فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ وَالتَّوَسُّطَ فِي الْجَمْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute