بِهَا هَذَا وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا كَانَ حُكْمَ الشَّرْعِ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنَ الفجر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّاوُدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَتَأَوَّلَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مِنْ الْأَعْرَابِ وَمَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ لُغَتِهِ اسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلِهَذَا أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدِيٍّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُشْتَرَكَةَ لَا يُصَارُ إِلَى الْعَمَلِ بِأَظْهَرِ وُجُوهِهَا وَأَكْثَرِ اسْتِعْمَالِهَا إِلَّا إِذَا عُدِمَ الْبَيَانُ وَكَانَ الْبَيَانُ حَاصِلًا بِوُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَالْخَيْطُ الْأَسْوَدُ اللَّيْلُ وَالْخَيْطُ اللَّوْنُ وَفِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ هُوَ مِنَ النَّهَارِ لَا مِنَ اللَّيْلِ وَلَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْتَ تَحْتَ وِسَادَكَ الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَوِسَادُكُ يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَرِيضًا وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا لِأَنَّ مَنْ يَكُونُ هَذَا وِسَادَهُ يَكُونُ عِظَمُ قَفَاهُ مَنْ نِسْبَتِهِ بِقَدْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّكَ لَضَخْمٌ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَبَاوَةِ أَوْ عَنِ السِّمَنِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِ إِلَى بَيَانِ الْخَيْطَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادِ النَّوْمُ أَيْ إِنَّ نَوْمَكَ كَثِيرٌ وَقِيلَ أَرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute