الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ أَحْمَدُ يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ بِحَالِهِمَا ولا يجب قطعهما لحديث بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَزْعُمُونَ نَسْخَ حَدِيثِ بن عُمَرَ الْمُصَرِّحِ بِقَطْعِهِمَا وَزَعَمُوا أَنَّ قَطْعَهُمَا إِضَاعَةُ مَالٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ لُبْسُهُمَا إِلَّا بَعْدَ قَطْعِهِمَا أسفل من الكعبين لحديث بن عمر قالوا وحديث بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ مُطْلَقَانِ فَيَجِبُ حَمْلُهُمَا عَلَى الْمَقْطُوعَيْنِ لحديث بن عُمَرَ فَإِنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ إِضَاعَةُ مَالٍ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ وَأَمَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فَلَيْسَ بِإِضَاعَةٍ بَلْ حَقٍّ يَجِبُ الْإِذْعَانُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَابِسِ الْخُفَّيْنِ لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ هَلْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَمْ لا فقال مالك والشافعي ومن وافقهما لاشيء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ فِدْيَةٌ لَبَيَّنَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا إِذَا احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ يَحْلِقُهُ وَيَفْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١١٧٧] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ) أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ لِبَاسِهِمَا لِكَوْنِهِمَا طِيبًا وَأَلْحَقُوا بِهِمَا جَمِيعَ أَنْوَاعِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الطِّيبُ وَسَبَبُ تَحْرِيمِ الطِّيبِ أَنَّهُ دَاعِيَةٌ إِلَى الْجِمَاعِ وَلِأَنَّهُ يُنَافِي تَذَلُّلَ الْحَاجِّ فَإِنَّ الْحَاجَّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَسَوَاءٌ فِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَكَذَا جَمِيعُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ سِوَى اللِّبَاسِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَمُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ سَبْعَةٌ اللِّبَاسُ بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ وَالطِّيبُ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَدَهْنُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ وَالْجِمَاعِ وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى الِاسْتِمْنَاءُ وَالسَّابِعُ إِتْلَافُ الصَّيْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ مَا نُهِيَ عَنْهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إِنْ كَانَ عَامِدًا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا فَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَلَا يَحْرُمُ الْمُعَصْفَرُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَحَرَّمَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَعَلَاهُ طِيبًا وَأَوْجَبَا فِيهِ الْفِدْيَةَ وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ طِيبٍ وَلَا يَحْرُمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ) يَعْنِي الْمُحْرِمُ هَذَا صَرِيحٌ في الدلالة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute